فلسطين أون لاين

​"معبر رفح" مأساة طويلة وجرح لا يندمل

...
جانب من العمل عبر معبر رفح (أ ف ب)
رفح - ربيع أبو نقيرة

تظهر معاناة أهالي قطاع غزة ممن هم بحاجة ماسة للسفر بشكل جلي، مع كل فتحة لمعبر رفح البري استثنائيًا.

وتفتح السلطات المصرية المعبر بشكل استثنائي لمدة لا تزيد على الأربعة أيام كل ثلاثة أشهر أو يزيد، أمام سفر آلاف الحالات الإنسانية في قطاع غزة.

لكن هؤلاء المحاصرين لا يجدون لهم فرصة للسفر في كنف أيام معدودة، والتي يسمح فيها بخروج مئات المسافرين فقط.

وعُرفت فئات عدة من المواطنين تريد السفر، عبر وسائل الإعلام والجهات الرسمية، منها فئة المرضى وفئة الطلاب وفئة حملة الإقامات في الخارج وحملة الجوازات الأجنبية، وفئة الزوجات العالقات وغيرها من الحالات الإنسانية.

وتعلن السلطات المصرية في بعض الأحيان إغلاق المعبر بعد الإعلان عن فتحه بالتزامن مع حدوث تفجيرات وعمليات مسلحة في شبه جزيرة سيناء تودي بحياة مصريين.

ويعتقد بعض الغزيين أن جهات معادية للشعب الفلسطيني تتعمد تنفيذ هجمات على الجيش المصري مع كل إعلان لفتح المعبر، لعدم اكتمال الفتح وإحكام الحصار على قطاع غزة.

أما في حالة فتحه فإن مشاكل عدة تظهر على السطح أبرزها، هيمنة كشوفات التنسيقات المصرية، على حساب فئات المرضى والطلبة والحالات الإنسانية، وبطء حركة عملية السفر.

وأرجع مسئولون في السلطة الفلسطينية عدم فتح معبر رفح البري بشكل كامل وانتظام فتحه لسيطرة حكومة غزة السابقة عليه، ووعد هؤلاء في تصريحات عديدة فتح المعبر بشكل كامل من اللحظة الأولى لسيطرة السلطة عليه.

وتسلمت السلطة معبر رفح بشكل كامل مطلع شهر نوفمبر الماضي، في حين لم يلمس المواطنون ما وعدتهم به السلطة، وهو فتحه على مدار الساعة، أو حتى إضفاء أي تحسن على عملية السفر البطيئة، أو زيادة في أعداد من يسمح لهم باجتياز المعبر إلى العالم الخارجي.

ومنذ تسلمت السلطة معابر القطاع لم يفتح معبر رفح سوى مرتين؛ الأولى لمدة ثلاثة أيام، سافر خلالها عدد كبير من أصحاب التنسيقات المصرية، والثانية لمدة أربعة أيام تنتهي اليوم الثلاثاء، أثير خلالها جدل حول أولويات السفر بين المسافرين.

وسارت عملية السفر عبر معبر رفح أمس الاثنين -اليوم الثالث من فتح المعبر- بالبدء بتسفير حافلتين تقلان مسافرين باتوا ليلتهم في صالة الجانب الفلسطيني من المعبر، ثم حافلة تقل مسافرين يحملون جوازات مصرية، ثم حافلات تقل حالات إنسانية ضمن كشوفات وزارة الداخلية والأمن الوطني.

اعتراض حافلات

واعترض عشرات الطلبة حافلات المسافرين القادمة من صالة أبو يوسف النجار -يتم تجهيز الحافلات بها بإشراف وزارة الداخلية- قبل دخولها معبر رفح البري، ضمن خطوة احتجاجية للفت الانتباه لمعاناتهم وإعطائهم الأولية في السفر.

واعتبرت حنان فايق المسجلة للسفر ضمن فئات المرضى، خطوات الطلبة في غير محلها، قائلة: "الجميع هنا بحاجة ماسة للسفر، وكلنا سواء مرضى أو طلاب أو أجانب أو زوجات عالقات أصحاب أولوية".

وناشدت السلطات المصرية فتح المعبر بشكل كامل لإنهاء معاناة آلاف العالقين من الحالات الإنسانية في قطاع غزة، مشيرة من مكان تواجدها بصالة أبو يوسف النجار إلى أن إغلاق المعبر فترات طويلة يلقي بآثار سلبية على حياة آلاف المعذبين في غزة.

بدوره، أعرب محمود اسعيفان الحاصل على بكالوريوس لغة إنجليزية عن أمله بالحصول على فرصة سفر للانطلاق في العالم الخارجي عبر اتقانه اللغتين الإنجليزية والفرنسية.

وأوضح أنه تخرج في الجامعة عام 2014 ولم يجد فرصة عمل سوى بعض الأعمال بدوام جزئي لا يرقى بطموحاته ولا يغطي متطلبات حياته، قائلًا: "قررت السفر نحو وجهتي الأولى تركيا، والعقبة الأكبر أمامي هي اجتياز معبر رفح".

ولفت اسعيفان إلى أن إغلاق المعبر فترات طويلة وفتحه استثنائيًا لا يفي بحاجة سكان القطاع للسفر ويترك آثارًا نفسية سيئة وجسدية لدى المواطنين، قائلا: "عند سماع خبر فتحه أفرح، وعند إغلاقه أشعر بالاكتئاب وأعاني من قلة النوم وعدم الرغبة في تناول الطعام والشراب".

أما الطالبة عنايات عليان، التي تمكنت من السفر في أول يوم من فتح المعبر، ووصلت إلى تركيا حيث مكان إكمال دراستها للدكتوراة، بعد ثلاثة أيام من السفر والإرهاق والتعب، أوضحت أنها لم تتأكد بعد أنها تحلم أم أنها الحقيقة.

وأوضحت أنها تأخرت عن الالتحاق بمقعد الدراسة نحو خمسة أشهر، قائلة: "شعوري لا يوصف صراحة، لدرجة أنني خائفة من أكون نائمة وأعيش حلمًا، وشعوري هذا يجعلني خائفة من فرحي بسفري، خاصة أن السلطات المصرية أرجعت أكثر من عشرة طلاب ضمن المنحة التركية".

للطلاب فقط

وأثار تصريح صحفي لمدير الهيئة العامة للمعابر والحدود نظمي مهنا مساء أمس، أوضح فيه أن السفر في اليوم الأخير مخصص للطلاب فقط، حفيظة الفئات الأخرى من الحالات الإنسانية في قطاع غزة.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الخاصة بمتابعة أخبار معبر رفح البري، انتقادات واسعة لتصريح مهنا، مؤكدين حق جميع الفئات بالسفر، وأنهم لن يسمحوا لضياع فرصتهم في السفر خاصة من تم إدراج اسمه ضمن كشوفات السفر ليوم أمس الاثنين ولم يتمكن من السفر.