فلسطين أون لاين

​أبو ثريا مقاوم تحدى جيشًا

تسجل المقاومة الفلسطينية كل يوم صورًا عظيمة، وصورًا من البطولة الخالدة، التي ترفع الرأس عاليًا، ويسمو بها الشعب الفلسطيني نحو المجد والعزة والفخار على الدوام، لنيل حريته، ومن هذه الصور كانت ملحمة الشهيد البطل إبراهيم أبو ثريا (29 عامًا) المبتور القدمين بسبب قصف إسرائيلي في 2008م، الذي استشهد خلال مواجهات مع جيش الاحتلال في المناطق الشرقية لقطاع غزة يوم الجمعة 15122017م.

وإن كان الشهيد أبو ثريا واجه جيشًا وهو مقعد؛ فإن الشاب محمد أمين من الخليل واجه جيشًا أيضًا على مدخل البيرة الشمالي وسط الضفة الغربية المحتلة، وادعى الاحتلال أنه حاول تنفيذ عملية طعن.

الشهيدان أبو ثريا وأمين، ومعهما الشهيدان ياسر سكر من غزة، وباسل إبراهيم من عناتا واجهوا يوم الجمعة جيشًا مدججًا بمختلف الأسلحة المتطورة، كلٌّ بمكان؛ فالاحتلال أعدم معاقًا مبتور الرجلين، وشابًّا يافعًا أمام وسائل الإعلام مباشرة، دون اكتراث بحقوق الإنسان ولا بالعالم أجمع.

استقاء العبر مطلوب بعد كل مواجهة مع جيش الاحتلال، ومعركة بطولية خاضها كل شهيد وحده لابد من دراستها جيدًا بتمعن، حتى يستثمر أبطال المقاومة لاحقًا إيجابياتها الكثيرة ويطوروها، ويتجنبوا سلبياتها.

أولى تلك الإيجابيات التي يجب استثمارها هي زرع حب التضحية بالنفس لأجل الوطن، والاستعداد على الدوام للتضحية في نفوس الجيل الصاعد والشباب، وهذا ما تميزت به قوى المقاومة، ولم تغفل عنه، ولو لحظة، مع صعوبة الحال وتعقيدات المرحلة، وهو يسجل لها بكل احترام وتقدير على الدوام، وليس كما يقول المرجفون في المدينة والأعراب الأشد كفرًا، إن الفلسطينيين باعوا وطنهم.

ثاني الإيجابيات في حالة مواجهة جيش الاحتلال هي الاستعداد للمعركة في كل وقت، وهو ما نجح به الشهداء الأربعة؛ فكانوا مستعدين للتضحية لأجل الوطن، وتقديم أرواحهم رخيصة، وليس مجانًا كما يقول المرجفون.

يعلم الاحتلال أن الشهداء الأربعة لن يكونوا آخر المطاف؛ فما دام يوجد احتلال يوجد مقاومة، وكل مواجهة تتعلم منها المقاومة الكثير، وتطور نفسها من جديد، وهو ما أقر به كتاب ومحللو كيان الاحتلال.

كلٌّ يعلم أن الاحتلال يستحدث أساليب جديدة ما بين مدة وأخرى، ويطور طرقًا وأساليب أخرى لاصطياد واعتقال المقاومين مثل المستعربين، لكن تبقى ثغرة الجبن لدى جنوده، وعدم أحقيتهم وأنهم على باطل، ولا يوجد لديهم إيمان بما يفعلونه أهم ثغرة يدخل من خلالها المقاومون، وهو ما يعوض جزءًا من تفاوت الإمكانات.

كل يوم المقاومة الفلسطينية تمتد وتقوى وتتطور، حتى دحر الاحتلال، فرجل بلا رجلين أرجل من كل حكام العرب الذين يتفرجون ولا يحركون ساكنًا، ويواجه جيشًا وحده، بحجر أو سكين، فهذا جدير بأن يحرر وطنه، ويحيا كل مواطن فلسطيني حياة كريمة ويحصل على حريته لاحقًا.

الذين يقولون إن المقاومة لا تجدي نفعًا تلقوا صفعة يوم الجمعة الماضي، بصمود أبو ثريا واشتباكه مع "الجيش الذي لا يقهر"، عدة ساعات، وسبق أن تلقوا صفعة قوية بانسحاب الاحتلال من قطاع غزة وهدمه مستوطناته بيديه هناك، وشعب فيه مقاومة على شاكلة المقاوم الشهيد البطل أبو ثريا وأمين حق له أن ينتصر ولو بعد حين ويهزم الاحتلال، "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا".