وحتى يلتقي الفلسطينيون بمختلف تنظيماتهم وقواهم السياسية عند نقطة توافق لا خلاف حولها، فمن الجيد أن يكون شعار المرحلة الراهنة هو (انتفاضة حتى يتراجع ترامب عن قراره)، شعار يجب ألا تختلف عليه حركة فتح وحركة حماس والجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية وكل أطياف العمل السياسي الفلسطيني، فالذي ينكص عن دعم الانتفاضة الراهنة ضمن هذا الشعار البسيط هو خارج إطار الاجماع الوطني، بل وخارج إطار الصف الوطني.
شعار (انتفاضة حتى يتراجع ترامب عن قراره) هو شعار الحد الأدنى الذي لا يمكن أن يقبل بأقل منه شباب فلسطين وجرحى الانتفاضة وأهالي الشهداء، ولا يمكن أن يقبل بأقل منه أي فلسطيني يحترم نفسه، ويحب وطنه، ويدافع عن مقدسات المسلمين، ولهذا الشعار يتوفر الدعم السياسي من الأمة العربية والإسلامية، ولا تعترض عليه معظم دول العالم ما عدا رئيس أمريكا وإسرائيل، والثبات على هذا الشعار كفيل بأن يكسر قرار ترامب آجلاً أم عاجلاً، وكسر قرار ترامب مقدمة لكسر أطماع إسرائيل بالقدس، كمقدمة لتصفية القضية الفلسطينية بشكل عام.
الثبات على شعار ( انتفاضة حتى يتراجع ترامب عن قراره) مطلب شعبي فلسطيني قابل للتحقيق، ويمثل خطوة أولى على طريق تحقيق انتصار فلسطيني مضمون عن طريق المقاومة الشعبية، التي تطالب بها حركة فتح، والعديد من القوى السياسية، وعليه فإن الإعلان الرسمي الفلسطيني عن دعم الانتفاضة أو الهبة أو الحراك أو أي اسم تحبه القيادة الفلسطينية، الإعلان الرسمي عن دعم هذه الخطوات الوطنية الفلسطينية التي يخط معالمها شباب فلسطين، هذا الدعم يمثل الأفق الذي سيتحرك في مجاله السياسي شباب فلسطين، وهم ينظمون صفوفهم، ويواجهون عدوهم، ويطورون من قدراتهم في المواجهة، ضمن هذا الشعار البسيط الذي لا يكلف السلطة تحمل مسؤولية المواجهة ومضاعفاتها، ولا يورط القيادة في أي عمل مقاوم لا تحب ذكره، ولا تتمنى له الوجود والتطور على أرض الضفة الغربية.
وحتى لا تتوه بوصلة الشباب المنتفضين، وحتى لا تذهب دماؤهم سدى، وحتى لا يحبط الشعب الفلسطيني من كثر التآمر على انتفاضاته، فإن صدور قرار رسمي فلسطيني يدعو الشعب إلى مواصلة الحراك حتى تراجع ترامب عن قراره يمثل الخطوة الأولى على طريق بناء الثقة، ولاسيما أن الشعب ينتظر اجتماع القيادة الفلسطينية يوم الاثنين في رام الله، ويستمع إلى تصريحات بعض المسؤولين، والتي تتحدث عن قرارات غير مسبوقة، وعن مواقف مصيرية، وعن تصعيد في الرد، وعن أشياء كثيرة، لا يمكن أن يصدقها الشعب الفلسطيني ما لم تكن مقرونة بشيئين:
أولاً: أن تكون هنالك خطوات عملية ملموسة على أرض الضفة الغربية، ومنها إطلاق الحريات العامة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والدعوة للقاء تنظيمي موسع لا يستثني أحداً، يهدف إلى وضع الخطوط العريضة لبرنامج سياسي موحد، تلتقي عليه جميع القوى السياسية.
ثانياً: رفع العقوبات عن سكان قطاع غزة فوراً، فلا يعقل أن تجتمع القيادة الفلسطينية، وأن تناقش مستقبل القرار السياسي الفلسطيني، وهي تتخذ قرارات مصيرية من أجل القدس، وهي ترفض لقاء المندوب الأمريكي، وهي تطالب بإلغاء قرار ترامب، في الوقت الذي تعاقب فيه 2 مليون فلسطيني بقطع الكهرباء وقطع الرواتب!
رفع العقوبات عن سكان غزة هو الدليل والبرهان على مصداقية القيادة في رفض قرار ترامب بشأن القدس، فغزة والقدس مرتكز المؤامرة الإسرائيلية لتمزيق وحدة القضية الفلسطينية.