أجمع محللون سياسيون، على أن خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، "وحدوي بامتياز، ويؤسس لاستراتيجية قائمة على الشراكة الوطنية".
واتفق المحللون، أن الخطاب تضمن موقف حماس الثابت حول المُضي قدماً في نهج المقاومة، بالشراكة مع كافة القوى والفصائل الوطنية، إضافة إلى قدرتها في التعامل مع المتغيرات السياسية الحاصلة في دول الإقليم.
وكان هنية ألقى خطابا في احتفال الذكرى الـ 30 لانطلاقة حماس، أمس، أكد فيه أن الشعب الفلسطيني "سيسقط قرار ترامب مرة واحدة وإلى الأبد"، داعيًا الأمة العربية والإسلامية للاستمرار في الاحتجاج على قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس.
وشدد هنية، على "أهمية ملف القدس، وعدم تجزئة القضية الفلسطينية، إضافة إلى ضرورة تحقيق المصالحة وتعزيز النظام السياسي الفلسطيني من خلال الشراكة السياسية".
رؤية حماس
وقال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إن خطاب هنية خلال الانطلاقة الـ 30 لحماس، حمل رؤية الحركة التي عنوانها التوجه بإخلاص وصدق نحو الانخراط في المؤسسة الوطنية الفلسطينية.
وأوضح عوكل لـ"فلسطين"، إن حماس أبدت استعداداً مهماً عبر الخطاب، للتوافق الوطني على استراتيجية وطنية جديدة وآليات للشراكة الوطنية.
وأضاف: "حماس تندفع أكثر فأكثر نحو مربع الوطنية الفلسطينية غير المغلفة بخطاب الدعوة الإسلامية"، مشيراً إلى أن التطور لهجة الخطاب، تقرب الفلسطينيين أكثر من بعضهم البعض، التي تقود لاستعادة الوحدة الوطنية.
وبيّن عوكل أن الخطاب حمل تقييماً صحيحاً يؤشر إلى الدخول لمرحلة وتحديات جديدة خطيرة تستدعي من الكل الفلسطيني أن يستعجل في الذهاب لحوار وطني ومصالحة وطنية.
أما المحلل السياسي تيسير محيسن، وصف الخطاب بـ"الوحدوي"، من خلال عرض مواقف حماس ورؤاها السياسية على الصعيد الداخلي والعلاقة مع الاحتلال والاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
ورأى محيسن خلال حديثه مع "فلسطين"، أن المواقف التي تبنتها حماس من خلال خطاب هنية، "أسس يمكن البناء عليها فيما لو تم التوافق وطنياً على المحددات التي تضمنتها".
وأوضح أن مضمون خطاب هنية تقاطع مع موقف عددٍ من الفصائل والقوى الفلسطينية إزاء الملفات المختلفة الداخلية والاقليمية وحتى الدولية، مشيراً إلى أن هذا التقاطع يُمكن يدفع بالحالة الفلسطينية للأمام.
ولفت إلى أن الخطاب أعطى مؤشراً أنه بعد مرور 30 عاماً على نشأتها باتت أكثر دقة في مواقفها تجاه أي ملفات ساخنة داخلياً وخارجياً، منوهاً إلى أن أصبحت أكثر نضجاً في التعامل مع المتغيرات الاقليمية.
رسائل الخطاب
ويحمل الخطاب رسالتين مهمتين وفق رؤية المحلل عوكل، الأولى للداخل الفلسطيني، تتمثل بأن الفلسطينيين موحدين في مواجهة السياسة الأمريكية- الإسرائيلية، ومستعدون لبذل تضحيات كبيرة دفاعاً عن القدس والحقوق الفلسطينية.
أما الرسالة الثانية فهي للعالم الخارجي، يتحدث مضمونها بأن أولوية حماس الأولى هي الوطنية الفلسطينية، والتوافق الوطني، وأنها ليست بصدد الدخول في حركة التجاذبات العربية، وفق عوكل.
وتحمل أيضاً أن كل من يدعم القضية الفلسطينية يكون محط أنظار حماس للتعامل مع الكل، على أساس التضامن مع الشعب الفلسطيني، حسب عوكل.
فيما رأى محيسن، أن الخطاب حمل عدة رسائل أبرزها كيفية الرد على القرار الأمريكي المتعلق بالقدس، بمشاركة كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، المتمثل بمواصلة الحراك الشعبي في المدن الفلسطينية.
وأراد هنية خلال خطابه وفق محيسن، تحشيد القوى والحركات المساندة للحق الفلسطيني على المستوى الدولي من خلال التواصل معها وإثارة حفيظتها لدعم الحالة الفلسطينية.
فيما برزت الرسالة الأخرى حسب محيسن، حول استخدام كل المنابر الدولية وخاصة القانونية، لإبطال القرار الأمريكي والتعامل معه بجدية، خاصة الدول العربية، والمنظمات العربية والإسلامية، من خلال تصعيد الحراك عبر المحافل القانونية الدولية.
استراتيجية فلسطينية
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس في عمان د. هاني البسوس أن حماس أكدت أنها تسعى لبناء استراتيجية فلسطينية شاملة بالشراكة مع الفصائل الفلسطينية، مبينًا أنها "وجهت رسالة للسلطة أن المصالحة ستكون على مبدأ الشراكة السياسية وليس الإحلال".
وقال البسوس لصحيفة "فلسطين": "خطاب هنية يؤكد أن حماس ما زالت تعمل على المقاومة كمنهج لن تتخلى عنه، وأنها لن تتخلى عن القدس بأي حال من الأحوال".
وبحسب البسوس، فإن هنية أكد أن القدس موحدة عاصمة لفلسطين، وأن حماس لن تتهاون بقضيتها، وسيكون لها كلمتها في حال ارتكب الاحتلال أي حماقة بحق المدينة.
ووجهت حماس تهديدًا واضحًا للاحتلال أنها سترد على أي اعتداء إسرائيلي على القدس، وأن القرار الأمريكي لن يمر، "مما يعني أن الحركة ستبذل جهودًا كبيرة بالتنسيق مع القوى الوطنية والعالمين العربي والإسلامي لمنع تمرير السياسة الأمريكية، وفقاً للبسوس.