قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس واعترافه بها كعاصمة لـ(إسرائيل) قرار قذر لا يقل في قذارته عن وعد بلفور حيث منح الشرعية للغاصب بأن يفعل بالأرض ما يشاء، وقد لاقى اعتراضاً من دول عربية واسلامية وغربية حتى أن بريطانيا صاحبة الوعد المشؤوم استنكرت هذا القرار لدرجة أن دعا عمدة لندن (صادق خان) الرئيس الأمريكي إلى العدول عن زيارته إلى المملكة المتحدة، مضيفا: "إن ترامب لا يفهم مقدار الإهانة التي وجهها للعالم العربي".
لكن رغم الغضب العابر للقارات من هذا القرار، إلا أنه يوجد من يتساءل، لماذا كل هذا الغضب من مسألة نقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لـ(إسرائيل)؟ هل خرجت القدس خارج حدود فلسطين؟ إن هذا القرار لن يغير من قناعتي شيئًا.
مسألة أنه لن يغير من قناعته شيء، فهذا شيءٌ جميلٌ ، لكن لا يجب إغفال الأبعاد السياسية لهذا الاعتراف فهو ليس اعترافاً شكلياً أو قرار مجاملة مثل القرارات التي تصدر عن منظمات دولية لصالح فلسطين، بل هو قرار له تبعات على كل الأصعدة، ثم إن المتأمل بعناية في منطلقات هذا القرار يجد أن العامل الديني حاضر وبقوة، لما تعنيه القدس من رمزية عند اليهود كما يدعون "وهذا باطل طبعًا"، لأن هذا القرار يعني حسب ما يرى الكثير من المتخصصين:
1_ الاعتراف بالقدس بشطريها الشرقي والغربي مدينة موحدة تحت السيادة الإسرائيلية.
2_ إخراج ملف القدس من أي مفاوضات تسوية قادمة.
3_ نقل إدارة المؤسسات الإسلامية والمسيحية للسيادة الصهيونية.
4_ إن عمليات التهويد وحفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى ستأخذ طابعا قانونياً باعتبار (إسرائيل) تحفر في حدود عاصمتها.
5_ دعم سياسة الاحتلال بضم الأراضي وتهويد المدينة وتهجير سكانها.
6_ إن قرارات دولية كانت تؤكد على ضرورة حفظ التراث الإسلامي والمسيحي ستصبح بلا قيمة بحكم أن القدس خرجت من كونها فلسطينية عربية وصارت عاصمة (إسرائيل).
8_ منع وتقييد حرية زيارة العرب والفلسطينيين للقدس باعتبارها عاصمة (إسرائيل).
9_ المعروف أن القدس تحت الوصاية الدولية والعربية والإسلامية وهذا الاعتراف يرفع هذه الوصاية باعتبار أن القدس صارت عاصة (إسرائيل).
10_ ستتمكن (إسرائيل) من بناء منشآت عسكرية وتسمح بدخول الجيش فيها بكامل الحرية.
11_ أنه قد تسن (إسرائيل) قانونا يقر ويلزم أي دولة تريد إقامة علاقات دبلوماسية معها بضرورة افتتاح سفارتها في القدس، وهنا يصبح الاعتراف بالقدس على أنها عاصمة لـ(إسرائيل) أمرًا لا مفر منه.
12_ سيطرد كل شخص لا يحمل أي هوية إسرائيلية.
13_ إلغاء جميع أوراق الطابو والوثائق الرسمية لأملاك أهل مدينة القدس وسيطرة (إسرائيل) عليها باعتبارها أملاك دولة.
ختاما وبعد هذا السرد لأبعاد هذا الاعتراف، أرى أن نقل السفارة للقدس والاعتراف بها كعاصمة لـ(إسرائيل) هو الجزء الأقسى والأخطر في صفقة ترامب، لذا علينا أن نستنفر كل طاقاتنا لإفشال هذا القرار من خلال تفعيل كل الخيارات المطروحة، ولا نستكين لفكرة أن المسألة أصبحت أمراً واقعاً وعلينا التعايش معه، ومحاولة التقليل من آثاره السلبية على قدسنا.