اعتبرت فصائل وشخصية فلسطينية، موقف وزراء الخارجية العرب، تجاه قرار الرئيس الأمريكي، اعتبار القدس عاصمة لـ(إسرائيل)، مخيبًا للآمال الفلسطينية والعربية، ولا يرتقي لمستوى الجريمة بحق المدينة الإسلامية والعربية ومقدساتها.
وشدد هؤلاء، في مواقفهم المنفصلة التي وصلت "فلسطين أون لاين"، اليوم، على ضرورة مواجهة القرار الأمريكي بشكل عربي جدي وفاعل، واحتضان القضية الفلسطينية رسميًا وشعبيًا، وتجريم التطبيع مع الاحتلال، وإغلاق سفاراته والسفارات الأمريكية في جميع أماكن وجودها.
وكان اجتماع طارئ عقد لوزراء الخارجية العرب، أمس، بمقر الجامعة العربية، في القاهرة، لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اختتم بالتحذير من خطورة القرار الأمريكي، والتأكيد على بطلانه وخرقه الخطير للقانون الدولي وتقويضه لحل الدولتين وتعزيز العنف.
ورأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنّ نتائج الاجتماع العربي، "لم يرتقِ لمستوى الحدث أو مستوى المسؤولية المفترضة في مواجهة القرار الأمريكي (..) واكتفى أغلب المشاركين بإلقاء كلمات لا وزن لها عند الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني".
وقالت الجبهة إن "أغلب المشاركين لم يقدموا أية مقترحات، أو مشاريع قرارات بإجراءات ملموسة، تجعل الإدارة الأمريكية تستجيب لمناشدتهم لها بالعودة عن قرارها، بل ولم يتطرّقوا في مداخلاتهم إلى حقوق الشعب الفلسطيني، باستثناء حقه في دولته بعاصمتها القدس".
وأضافت: إن "القرار الصادر عن الاجتماع الطارئ باعتبار أنّ الحل السلمي يضمن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية سبيلًا لا بديل عنه لإنهاء الصراع، يشكل تراجعًا خطيرًا عن القرارات العربية بشأن حقوق الشعب الفلسطيني، وعن قرارات الشرعية الدولية التي حددتها بحق العودة للاجئين وفق القرار 194، وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة".
ودعت الجبهة الشعبية قوى حركة التحرر الوطني العربية إلى تحمّل مسؤولياتها في لجم حالة الهبوط الرسمي العربي، واحتضان قضية الشعب الفلسطيني والدفاع عنها باعتبارها قضية العرب الأولى، والتصدي لخطوات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي التي تسارع إليها بعض الأنظمة العربية.
من جهتها، قالت حركة المجاهدين الفلسطينية، إنه "في الوقت الصعب الذي كنا ننتظر فيه دعما لصمود شعبنا من الأمة العربية، وتصويب البوصلة نحو نصرة القضية المركزية للأمة وتوحيد وجهة عدائها (..) تلقينا بيان وزراء الخارجية العرب".
واعتبرت حركة المجاهدين، البيان الختامي للوزراء، "باهت ولا يرتقي لمستوى الجريمة التي ارتكبها ترامب بحق شعبنا وقضيتنا"، مؤكدة ضرورة موقف الجماهير العربية والإسلامية بإغلاق سفارات دولة الاحتلال والولايات المتحدة في دول العالم.
واستدركت: "لا يعقل أن تستمر تلك السفارات في بلداننا وهي تغتصب مقدساتنا"، داعية الأمة العربية والإسلامية المنتفضة للمضي في تحركاتها والتوجه بالمظاهرات نحو السفارات والضغط على الأنظمة الحاكمة.
نكبة جديدة
من جانبها، استهجنت حركة المقاومة الشعبية في فلسطين، البيان الصادر عن وزراء الخارجية العرب، مؤكدة أنه "مخيب للآمال ولا يعبر عن طموحات شعبنا وجماهيرنا العربية والإسلامية وأحرار العالم".
وأكدت الحركة، أن البيان الوزاري "لا يتناسب مع حجم النكبة الجديدة التي حلت بقضيتنا الفلسطينية"، مستدركة: "أنه كان الأولى بوزراء الخارجية العرب المسارعة إلى قطع العلاقات مع أمريكا والاحتلال وسحب السفراء؛ تعبيرًا عن حالة الغضب التي تعتري الأمة".
وطالبت المقاومة الشعبية، منظمة التعاون الإسلامي في اجتماعها القادم بضرورة اتخاذ قرارات جريئة للوقوف في وجه القرار الأمريكي ترتقي للمسئولية الملقاة على عاتق الأنظمة العربية والإسلامية في حماية المدينة المقدسة.
كما أكدت لجان المقاومة في فلسطين، أن اجتماعات وزراء الخارجية العرب، "لا تلبي الحد الأدنى من تطلعات وطموحات شعوب الأمة العربية والإسلامية، ولا سيما في قضية خطيرة تتعلق بمدينة القدس المحتلة وما تتعرض لها من مؤامرة تهدف تهويد واستهداف المقدسات الإسلامية برعاية أمريكية".
واعتبرت لجان المقاومة، أن مخرجات اجتماع وزراء الخارجية العرب، يعكس مدى الخضوع والرضوخ لسياسات الأمريكية في المنطقة، وانعدام الرؤية الإستراتيجية للدفاع عن قضايا الأمة المركزية وفي مقدمتها قضية فلسطين.
ودعت إلى مواقف أكثر التصاقًا بهموم القدس المحتلة وإعلان معركة الدفاع عن القدس في كافة الميادين والمستويات العربية والإسلامية والعالمية لتصل الرسالة واضحة للإدارة الأمريكية بأن "القدس خط أحمر لا يمكن الاقتراب منها أو المساس بمكانتها العربية والإسلامية".
وتوجهت اللجان بالتحية والتقدير للشعوب العربية والإسلامية والتي خرجت في العواصم والمدن تعبيرا عن رفضها لقرار ترامب، الأمر الذي يؤكد أن الأمة حية ومتفاعلة وما زال قلبها ينبض انتماء للقدس وفلسطين.
خطوات فلسطينية
وفي السياق، أكد رئيس المجلس الفلسطيني الإسلامي د.محمد نمر زغموت، أن البيان الوزاري "مخيب للآمال، ولا يتناسب مطلقا مع حجم ما تعرضت له القدس من نكسة".
وقال زغموت لصحيفة "فلسطين"، إن بيان وزراء الخارجية العرب الختامي، وحتى مداخلاتهم خلال الاجتماع الطارئ، باستثناء وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، أكد من جديد أنه "لا أمل من دول العالم العربي والإسلامي في نصرة مقدساتها".
وشدد على أن المأمول من العرب في اجتماعهم كان يفرض ويتطلب منهم مواقف بحجم الخطر الجاري بحق القدس، عبر اتخاذ سلسلة قرارات وإجراءات دبلوماسية واقتصادية جماعية للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وعاصمة دولته القدس الشريف".
وأشار إلى أن عددا من وزراء الخارجية العرب، "لا يتقدمون بمواقفهم تجاه القضية الفلسطينية بسبب الموقف والسياسة الخاصة بالسلطة الفلسطينية".
وطالب زغموت السلطة الفلسطينية في رام الله البدء بنفسها أولا باتخاذ قرارات تصعيدية من الممكن أن تضع العرب في حرج كبير لمساندتها والوقوف في وجه الهجمة الأمريكية الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى.
لا خطوات
إلى ذلك، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، السلطة الفلسطينية إلى إحالة ملف الاستيطان في القدس المحتلة وباقي الأراضي المحتلة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وطالبت المنظمة في بيان، اليوم، السلطة الفلسطينية، بالتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والدعوة لعقد جلسة طارئة بموجب قرار متحدون من أجل السلام لحماية القدس وتكريس وضعها القانوني بعد أن فشل مجلس الأمن طوال سنوات من كبح جرائم الاحتلال في القدس والأراضي المحتلة.
وأهابت المنظمة بالسلطة الفلسطينية إلى مراجعة اتفاقيات أوسلو وما ترتب عليها من نتائج كارثية أضرت بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، منتقدة في الوقت ذاته، نتائج اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الطارئ.
وقالت إن الاجتماع "لم يخرج بإجراءات عملية حاسمة تتناسب وخطورة الموقف واكتفى المجتمعون بإصدار بيان إدانة وتشكيل لجنة لمتابعة القضية، دون اتخاذ قرار مثلا بقطع العلاقات مع (اسرائيل) ووقف التطبيع العلني والسري أو حتى تعليق الاتصالات مع الإدارة الأمريكية".
ورأت المنظمة العربية "أن الموقف العربي الرسمي بما فيه السلطة الفلسطينية ينتابه العجز والتخبط وتضارب المصالح".
وأشارت إلى أنه منذ اتخاذ القرار الأمريكي بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال لم تتخذ أي خطوات عملية لمواجهة هذا القرار، بل إن عواصم عربية منعت المظاهرات الجماهيرية المنددة بهذا القرار، والأخطر من ذلك فإن السلطة الفلسطينية ما زالت تتعاون أمنيًا مع أجهزة الاحتلال لاحتواء الغضب الشعبي ومنع تطوره وتمدده.