فلسطين أون لاين

​"خطيئة ترامب" تصعِّد انتفاض الفلسطينيين في وجه الاحتلال

...
غزة - نبيل سنونو

مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، جدد الفلسطينيون التأكيد على حقهم التاريخي في المدينة، عبر تصعيد انتفاضهم في وجه الاحتلال، وسط تساؤلات عن الإمكانات اللازمة لتحقيق هذه الانتفاضة أهدافها.

"نعم، هذه انتفاضة"؛ بهذا يجزم المحلل السياسي مصطفى الصواف، مضيفا: "ما حدث أمس (إصابة واستشهاد فلسطينيين) يؤكد أنه كان اليوم الأول لهذه الانتفاضة".

وفي تصريحات لصحيفة "فلسطين"، يشير الصواف إلى أن الغضب الشعبي الفلسطيني مما "قام به الأحمق ترامب"، متابعا: "ربما يكون هذا (الانتفاض الفلسطيني) أول الغيث ولا يعلم بالقادم إلا المولى".

وتأتي هذه التطورات في ظل دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، الخميس الماضي، إلى انتفاضة فلسطينية جديدة، إثر قرار ترامب بشأن القدس المحتلة.

ويرى الصواف، أن المطلوب لتعزيز هذه الانتفاضة هو وحدة الشعب الفلسطيني، وأن يكون المواطن والسياسيون والمثقفون والقيادات التنظيمية بموقف واحد، منوها إلى أنه يتوجب على السلطة الفلسطينية "ألا تبقي لاتفاق أوسلو أثرا".

ولا يحظى اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير و(إسرائيل) عام 1993 بإجماع وطني فلسطيني، بل إنه يلقى اتهامات على نطاق واسع بالإضرار بالقضية الفلسطينية.

ويعتبر الصواف أن قرار ترامب "ينهي أوسلو حتى بعدما أنهته (إسرائيل) فهي لا تريده، ولا تريد ما يترتب عليه من اتفاق".

ويتابع: "قرار ترامب جاء ليؤكد للجميع أن أوسلو انتهت، وأن علينا التحلل من هذا الاتفاق، وأول ذلك هو التخلص من التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني"، وهو بذلك يشير إلى التنسيق القائم بين السلطة ودولة الاحتلال في الضفة الغربية.

ومن مقومات تعزيز الانتفاضة والصمود الفلسطيني، بحسب الصواف، بناء استراتيجية فلسطينية سياسية موحدة تضع عناوين للمرحلة القادمة وكيفية مواجهة التحديات.

وبشأن أدوات ووسائل الانتفاضة، ذكّر الصواف بأن الفلسطينيين واجهوا الاحتلال في انتفاضة الحجارة عام 1987، بصدورهم العارية وإرادتهم فضلا عن الحجر الذي أربك الاحتلال الإسرائيلي، "رغم أن البعض استغل هذه الانتفاضة لعقد اتفاقات سياسية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني"؛ في إشارة إلى توقيع منظمة التحرير اتفاق أوسلو.

لكن المحلل السياسي، يوضح أن الشعب الفلسطيني رغم ذلك رسخ رسائل مهمة بحجره.

كما يقول: "شاهدنا في انتفاضة الأقصى (عام 2000) ما الذي فعلته الجماهير الفلسطينية بقواها عندما التحمت مع بعضها"، مضيفا في الوقت نفسه، أن الاحتجاجات الشعبية في مواجهة البوابات الإلكترونية التي نصبها الاحتلال الإسرائيلي أمام بوابات المسجد الأقصى في يوليو/تموز الماضي "أكدت أن وحدة الصف الفلسطيني هي العنصر الأقوى".

ويتابع: "هذه الانتفاضة قد تكون اختلفت عن انتفاضة الحجارة قبل 30 عاما بأدواتها وكذلك بسياساتها، وأعتقد أن الأيام القادمة ربما ستترجم هذا التغير على أرض الواقع"، منوها إلى تضحيات الفلسطينيين وارتقاء الشهداء منهم في سبيل تحقيق مطالبهم بالتحرر من الاحتلال.

ويردف: "كل ساحة تحدد الأداة التي يمكن من خلالها مقاومة الاحتلال. كل الأدوات المتاحة بين يدي الشعب الفلسطيني ستستخدم في هذه الانتفاضة، هذا هو المهم، أما الإجابة عن تساؤلات: كيف، ومتى، وغير ذلك، فدعونا ننتظر ما الذي سيحدث بالفعل".

ويرى الصواف أن قرار ترامب "سيعيد ترتيب الأوراق" في الساحة الفلسطينية، ويؤكد أن الرهان على الولايات المتحدة فاشل، ولا يمكن الاعتماد عليه.

وينوه إلى أن الاحتلال يريد فلسطين كلها، بينما الشعب الفلسطيني يدافع عن نفسه وأرضه.

واندلعت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 انتفاضة القدس؛ ردا على تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ومحاولة حكومة الاحتلال تنفيذ مخططاتها الرامية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا.

"بُعد جماهيري"

من جهته، يقول الخبير في شؤون القدس جمال عمرو، إنه "عندما تجتمع انتفاضة تلو انتفاضة فإن هذه هي حرب التحرير الشعبية، لأنها ذات بعد جماهيري شعبي هدفها واضح"، مضيفا أنه رغم مضي 100 سنة على وعد بلفور المشؤوم الذي هو ممن لا يملك لمن لا يستحق، جاء ترامب ليعطي وعدا آخر.

ويصف عمرو، في حديث مع صحيفة "فلسطين"، ترامب بأنه "فرعون زمانه، وأحمق"؛ على حد وصفه.

ويبين أن الشعب الفلسطيني رغم كل ما تعرض له على مدار العقود الماضية، فإنه صامد، ولم يكن ليتمكن من ذلك إلا لأنه يملك الحق المبين، مذكرا بأن الفلسطينيين أطلقوا انتفاضة تلو انتفاضة في وجه الاحتلال ومجازره.

ويوضح أن "حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد تنوعت شكلا ومضمونا وعناوين وأماكن".

وعن مدى مناسبة المرحلة الراهنة لتصعيد الانتفاضة، يقول عمرو إن اتفاق أوسلو تسبب للفلسطينيين "بسنوات عجاف"، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق عمل على تجفيف ينابيع الانتفاضات وتحطيم التضامن الفلسطيني، وأن مخرجاته "أسوأ" ما تعرض له الشعب الفلسطيني.

لكنه يعتبر أن هذه هي المرحلة الأفضل لتعزيز الانتفاض الفلسطيني، موضحا أن هذه الانتفاضة "تؤسس وتضع القواعد لمرحلة غير مسبوقة تبدأ عام 2018، تكون أرضية مناسبة بكل المقاييس لتغير دراماتيكي مفاجئ".

من ناحيته، يشدد المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم، على ضرورة تفعيل المقاومة في الضفة الغربية المحتلة.

ويقول قاسم، لصحيفة "فلسطين": "ما يلزم هو المقاومة"، لكنه يعتبر أن السلطة في الضفة "تقاوم المقاومة" في إشارة إلى التنسيق الأمني بين السلطة والكيان الإسرائيلي.

ويشار إلى أن انتفاضة الحجارة اندلعت في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1987م، إثر دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين شمالي قطاع غزة. وتميزت هذه الانتفاضة باستخدام الحجارة و"المولوتوف" وإشعال إطارات السيارات وإغلاق الطرق.

بينما اندلعت انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر / أيلول عام 2000 في القدس المحتلة، عقب اقتحام رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرييل شارون، المسجد الأقصى ، بحماية كبيرة من قوات جيش وشرطة الاحتلال.

ويواجه الفلسطينيون "الخطيئة" التي ارتكبها ترامب، بإرادتهم أولا، وبما يملكونه من وسائل، في ظل دعم أمريكي شامل لدولة الاحتلال لا سيما على الصعيد العسكري.