السياسة الأمريكية نحو القضية الفلسطينية وخصوصا القدس تسير وفقا للرؤى والتصورات اليهودية الصهيونية وتتوافق مع خطط الصهاينة لمستقبل المنطقة العربية برمتها؛ وفي كل دورة رئاسية أمريكية جديدة يعمل الرئيس الجديد على إرضاء اليهود والصهاينة، وتحقيق أحلامهم في أرض الذهب والعسل أرضنا الفلسطينية المباركة، حيث يعمل الرئيس الجديد دونالد ترامب على تقديم فروض الولاء والطاعة للكيان، وزيادة الدعم العسكري والمالي، وتأمين حماية الكيان من أية مخاطر خارجية؛ وهذا ما يحدث دوما، فقد حقق الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الكثير من أحلام الصهاينة وقدم لهم فروض الطاعة منذ توليه الرئاسة ففي مارس من عام 2013م زار ( أوباما) الشرق الأوسط والكيان الصهيوني وقدم لهم الكثير من الدعم وبقي (أوباما ) على العهد مع الصهاينة حتى نهاية ولايته العام الماضي حيث قدم (أوباما) لمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع زيادة الدعم العسكري للكيان لمدة عشرة أعوام، ودعم هذا القرار بقوة إرضاءً للصهاينة وبهدف استمرار علاقة ( أوباما) معهم حتى بعد انتهاء ولايته الرئاسية.
واليوم ترامب يختلف عن الرؤساء الأمريكان السابقين فقد أعلن ولاءه للكيان الصهيوني واليهود مبكرا منذ بدء حملته الانتخابية، حيث زار ترامب الكيان خلال الانتخابات التمهيدية للأحزاب الأمريكية، وأعلن دعمه ومساندته للكيان الصهيوني وتقديم كل المساعدة لتحقيق حلم اليهود بتحقيق يهودية الدولة ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والإعلان عن القدس العاصمة الموحدة للكيان الصهيوني وبعد أيام قليلة من تولي ترامب سدة الحكم في أمريكا أعطى الضوء الأخضر لليهود في مواصلة تهويد الأرض الفلسطينية وبناء الكتل الاستيطانية، فيما تبذل إدارة ترامب جهودا كبيرة لخدمة الكيان الصهيوني في مؤسسات المجتمع الدولي وتقف إدارة ترامب في وجه كافة القرارات التي تدين الكيان الصهيوني وتعمل على منع تمرير أية قرارات أممية ضد الكيان الصهيوني بخصوص الاستيطان وجرائم قتل الفلسطينيين، وقد بذلت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة ( نيكي هيلي) جهودا كبيرة واتصالات واسعة لمحاصرة القرارات الأممية ضد الكيان الصهيوني.
لقد انتهت الإدارة الأمريكية حديثا من إعداد خطة التسوية الأمريكية الجديدة وما يطلق عليها صفقة القرن أشرف على الخطة صهر ( ترامب ) (جاريد كوشنير) التي تم إعدادها حسب الشروط والمواصفات الإسرائيلية؛ وحديثا كشف موقع ( ميدل ايست) البريطاني الخطوط العريضة لهذه الصفقة نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية، وتتركز الصفقة على إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة، والمناطق المصنفة في اتفاقية أوسلو (أ، ب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية المحتلة، وتنص صفقة القرن أيضا على قيام الدول المانحة بتوفير عشرة مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة، والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة أما بخصوص وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة، وستكون هناك مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.
القدس المحتلة هي محور الصراع مع الكيان الصهيوني وما خطة السلام الأمريكية الكاذبة وصفقة القرن تستهدف إلا حيلة لتمكين اليهود الصهاينة من السيطرة الكاملة على القدس والمسجد الأقصى وتنفيذ المخططات الإسرائيلية لتهويد المسجد الأقصى ومخططات التقسيم المكاني والزماني، بل إن القرارات الأمريكية الخاصة بالقدس تحظى بدعم أمريكي كبير من ( الكونغرس ) وينتظر من ( ترامب) أن ينفذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإعلان القدس العاصمة الموحدة للدولة اليهودية ..
إن واشنطن لا تخشى من تهديد الفلسطينيين والعرب بتجميد العلاقات مع الأمريكان في حال نقل السفارة الأمريكية للقدس والإعلان عن القدس عاصمة للكيان، لأسباب كثيرة أبرزها الواقع العربي الأليم من ضعف وهوان، وارتماء العرب في أحضان أمريكا والغرب، والناظر إلى أوضاع أمتنا العربية يدرك تماما أن الكثير من دولنا العربية مكبلة الإرادة، وتسير وفقا للخطط الأمريكية؛ بل إن أمريكا تمتلك بنكا استخباريا معلوماتيا عن كل ما يجري في وطننا العربي ولديها آلاف العملاء يعملون على الأرض تحت مسميات مختلفة وينقلون في كل ساعة تقارير حول مستجدات الأوضاع في عالمنا العربي .
إن من يحمي القدس ويقف في وجه المؤامرات الصهيونية هم أهلها الفلسطينيون، والمرابطين فيها، وسيكون الصمود الفلسطيني والوحدة الفلسطينية هما الصخرة التي تواجه المؤامرات الصهيونية وتنتصر عليها، ولن ينجح الصهاينة في تنفيذ مؤامراتهم الخبيثة في القدس، ولن ينجح الصهاينة بإذن الله في السيطرة على القدس وإعلانها عاصمتهم الموحدة، وسيواجه أبناء فلسطين ورجالها المجاهدون هذه المخططات وسيحمون القدس بصدورهم العارية.