فلسطين أون لاين

​"علار" و"عزون".. شواهد على التدخلات السياسية والأمنية بالبلديات

جهات متنفذة تُقوّض نجاحات أصغر رئيسيْ بلديتين في الضفة

...
بلدة علار (أرشيف)
رام الله / غزة - يحيى اليعقوبي

ما أن عاد رئيس بلدية قرية "علار" الواقعة شمال طولكرم الشاب فتحي أبو سعدة البالغ (31 عاماً)، إلى بلدته بعد رحلة عمل خارجية برفقة وفد من اتحادات البلديات إلى ألمانيا، حتى تم إبلاغه بقرار صادر عن وزير الحكم المحلي حسين الأعرج بإقالته من منصبه دون الرجوع إليه، وذلك بطلب من جهات أمنية بالضفة.

وقرر وزير الحكم المحلي إقالة أبو سعدة والذي يعتبر أصغر رئيس بلدية في الأراضي الفلسطينية من الذكور، بناء على كتاب استقالة قدمه خمسة من أعضاء المجلس البلدي بينهم الرئيس السابق للبلدية سفيان شديد، دون علم رئيس البلدية، فأعلن الوزير عن حل المجلس البلدي وشكل لجنة لإدارة البلدية، وكل ذلك تم اتخاذه خلال 24 ساعة دون الرجوع لرئيس البلدية الحالي "أبو سعدة".

مخالفة للقانون

تعود بداية الخلاف حسبما يقول رئيس البلدية أبو سعدة لصحيفة "فلسطين" قبل شهر ونصف الشهر حينما قام رئيس بلدية علار السابق سفيان شديد الذي خسر الانتخابات المحلية قبل خمسة أشهر، بالانضمام لجهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة، مع بقاء منصبه كعضو بلدي، بما يخالف القانون الفلسطيني.

وأضاف أبو سعدة في حديثه الخاص مع صحيفة "فلسطين": "أرسلت كتابا للوزير الأعرج لاتخاذ القرار وفق القانون واسقاط عضويته كونها مخالفة للقانون ولكنه لم يرد".

وتابع: "إن وزير الحكم المحلي اعتمد بقرار حل المجلس البلدي على (نصف عدد الأعضاء +1)، مع أن هذا الأمر لا يجوز في ظل وجود أحد الأعضاء فاقد العضوية ولا يحق أن يكون بالمجلس البلدي، إلا أن الوزير ضرب بذلك عرض الحائط".

وكشف أبو سعدة عن تلقيه تهديدات واتهامات بالانتماء لتيارات إسلامية مستندة إلى ترؤسه لرئاسة مجلس طلبة جامعة بيرزيت عن الكتلة الإسلامية عام 2006، وأنه منذ اليوم الأول لترؤسه للبلدية مورست ضده محاولات لإفشال عمله، متهماً الوزير الأعرج بأنه شريك بما وصفه بـ"الفيلم".

وشدد على ضرورة عدم تدخل المنظومة الأمنية بالانتخابات البلدية، وأن يتم ضبط ومراقبة الأمر جيدا، كاشفا أن هناك حلولا عرضتها جهات أمنية عليه تشترط قبوله بوجود سفيان شديد عضوا في البلدية مقابل عودة الأمور لما كانت عليه، وهو ما رفضه.

مصدر مطلع من قرية علار تحدث لصحيفة "فلسطين" عن طبيعة التدخلات السياسية والامنية في البلدية، موضحاً أن الخلافات بدأت تحدث في البلدية بعد خسارة رئيس بلدية علار السابق سفيان شديد الذي استمر في رئاسة البلدية لنحو 14 عاما، الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت قبل خمسة أشهر.

أصغر رئيسة بلدية

في المقابل، تواصلت صحيفة "فلسطين" مع رئيس بلدية عزون شرق قلقيلية يسرى بدوان التي تعد أصغر رئيسة بلدية فلسطينية على الإطلاق، إذ يبلغ عمرها (26 عاماً) فقط، إلا أن بدوان رفضت التعقيب على التدخلات السياسية بعمل البلدية "نظرا لوجود ما وصفته بأوامر عليا تمنعها من الإدلاء بأية تصريحات إعلامية".

وعلمت "فلسطين" من مصادر مطلعة أن هناك تدخلات سياسية خارجية تضغط لاستقالة بدوان وتمارس ضدها هجمة شرسة من أعضاء البلدية واشخاص من البلدة لحجب الثقة عنها، ومنعها من تحقيق أي انجاز في البلدية، بحجة أنها صغيرة في العمر.

من جانبه، قال الخبير القانوني عماد صلاح الدين: "من المفترض أن تتمتع البلديات بحالة من اللامركزية في أداء أعمالها في الدول التي تتسم بالديمقراطية، لكن في الضفة الغربية هناك شواهد كثيرة على التدخلات السياسية والأمنية والمالية منها ما حدث ببلديتي علار وعزون".

وأضاف صلاح الدين لصحيفة "فلسطين": "رغم أن انتخابات البلديات المحلية بالضفة اقتصرت على لون حزبي واحد (فتح) إلا أن السلطة وجهت اتهامات إلى عدة رؤساء بلديات بأنهم محسوبون على تيارات إسلامية، أو شخصيات معينة".

ومن أمثلة التدخلات، وفق الخبير القانوني، أن أي مشروع تريد أن تطرحه أي بلدية في قطاعات الخدمات مرهون بالموافقة المالية من السلطة، وذلك حسب اعتبارات رضاها عن البلدية من عدمه.

والهدف من هذه التدخلات بحسب صلاح الدين زيادة حالة المركزية والاحتكار للصلاحيات ضمن حالة أمنية تحكم الضفة، يتحكم بها جهات خارجية مانحة، لتوجيه المؤسسات بما يخدم مصلحة النظام القائم، والذي عماده الحالة الأمنية.