فلسطين أون لاين

سيف الدولة: لا مبرر للسلطة ومنظمة التحرير للتمسك باتفاقيات أوسلو

​ماذا لو اعترف ترامب بالقدس "عاصمة" لـ(إسرائيل)؟

...
علم الاحتلال بجانب قبة الصخرة (أ ف ب)
القاهرة / تونس - غزة - نبيل سنونو

يشتهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصفقاته التجارية، لكنه يلوح هذه المرة بـ"صفقة سياسية" للاعتراف بمدينة القدس المحتلة، "عاصمة" لـ(إسرائيل).

ولطالما وعد ترامب بنقل سفارة بلاده من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، قبل أن يصرح مسؤولون أمريكيون الجمعة الماضية، بأنه يدرس خطة يعلن بموجبها القدس "عاصمة" لدولة الاحتلال.

لكن المفكر المصري محمد عصمت سيف الدولة، يشكك بإمكانية إقدام ترامب على ذلك، قائلا: "سبق أن لوح عدد كبير من رؤساء الولايات المتحدة بذلك وتراجعوا"، مضيفا أن حلفاء واشنطن العرب، كمصر والأردن والسعودية ودول الخليج يضغطون عليها حتى لا تفعل ذلك، "لما سيسببه من حرج شديد" لهذه الدول.

ويوضح في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، أن هذه الدول العربية تتبنى ما يعرف بـ"مبادرة السلام العربية" ولو نظريا، التي تطالب بدولة فلسطينية على حدود 1967، "ولم يجرؤ أي حاكم عربي مهما كانت علاقته دافئة بـ(إسرائيل) على أن يعلن قبوله لتكون القدس عاصمة للأخيرة".

ولو تحقق وعد ترامب، فإنه "لا مجال للحديث بعد الآن عن دولة على حدود 1967" –بحسب سيف الدولة- الذي ينوه إلى أن "شرعية منظمة التحرير والسلطة قائمة على قولها: نحن نستطيع بالمفاوضات أن نجلب دولة على حدود 1967".

الفعل الشعبي

ويطرح سيف الدولة سؤالا، عن رد الفعل اللازم إذا ما أقدم ترامب على هذه الخطوة، مبينا أنه لا بد من رد فعل شعبي يتمثل بمظاهرات عربية وإسلامية وفلسطينية "بأعداد ضخمة" شبيهة بتلك التي اعتصمت في محيط المسجد الأقصى عندما نصبت سلطات الاحتلال بوابات إلكترونية على أبوابه في يوليو/تموز الماضي.

ويشير إلى أن هدف ذلك، توجيه رسالة "واضحة بأن القدس خط أحمر"، متسائلا: "هل سنتمكن من هذا أم لا؟ أنا لا أستطيع أن أجزم".

ويفسر بأن الحالة الشعبية العربية الراهنة "بائسة"، أما الوضع الرسمي فيهرول باتجاه التطبيع مع دولة الاحتلال، لنيل الرضا الأمريكي بقيادة ترامب.

وفي الوقت نفسه، يعتقد سيف الدولة أن قرارا بنقل السفارة "سيعرض مصالح الولايات المتحدة لمخاطر شديدة، إذا لم تكن في القريب العاجل فعلى المدى البعيد".

السلطة والعلاقة بواشنطن

ويرى المفكر المصري، أنه في حال نفذ ترامب كلامه، فإن على السلطة إعادة النظر في علاقاتها بواشنطن، لافتا إلى أن الأخيرة قيدت تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير.

ويعتقد أن رد السلطة ينبغي أن يكون الانسحاب من اتفاقيات أوسلو، لأن المنظمة اعترفت بـ(إسرائيل) منذ سنوات طويلة، بناء على شرط أمريكي لفتح حوار معها، بالتالي إذا كانت واشنطن تجرد المنظمة من شرعيتها ودورها حتى في الحفاظ على ما تبقى من فلسطين وفق حدود 1967، فإنه لم يعد هناك مبرر للتمسك باتفاقيات أوسلو.

بل ويقول إن السلطة كان ينبغي أن تنسحب من هذه الاتفاقيات بعد سنتين من توقيعها، نظرا لقرارات وسياسات الولايات المتحدة و(إسرائيل).

ويتابع: "آن الأوان أن تفعلها (السلطة بالانسحاب من الاتفاقيات)".

وعما إذا كان التحرك الأمريكي يأتي ضمن مساعي ما يعرف بـ"صفقة القرن"، يقول سيف الدولة: "إن هذه الصفقة هي مبادرة السلام العربية بدون دولة على حدود 1967".

ويذكر أن الصفقة ستطرح فكرة التطبيع العربي الإسرائيلي بذريعة "مواجهة المخاطر المشتركة" بصرف النظر عن القضية الفلسطينية.

وباختصار، فإن الصفقة –بحسب سيف الدولة- هي "دمج" (إسرائيل) في المنطقة.

وثمة احتمال يطرحه سيف الدولة، يتمثل بأن تكون تلويحات ترامب بنقل السفارة، "ليست موجهة لا للإسرائيليين ولا للعرب ولا للفلسطينيين، وإنما محاولة لحل أزمته الداخلية المتصاعدة من خلال حشد وتعبئة الجماعات الموالية له لاسيما الصهيونية منها لعمل توازن مع التحقيقات الحالية التي تتهم مقربين منه بالاتصال بروسيا إبان انتخابات الرئاسة".

زمام المبادرة

من جهته، يصف المدير التنفيذي لجمعية أنصار فلسطين التونسية بشير خضري، نقل السفارة الأمريكية للقدس، بأنه "كارثة للأمة العربية بصفة عامة وليس للشعب الفلسطيني فقط".

ويُذكِّر خضري، في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، بأن القدس عربية إسلامية، وأن المساس بها هو اعتداء على الأمة العربية من جهة "متغطرسة" هي الولايات المتحدة.

ويلفت إلى أن ما هو معهود على المسؤولين العرب، والسلطة، الدعوة لاجتماعات لإصدار بيانات شجب، لكن هذا لا يجدي أمام التحركات التي تقع في القدس المحتلة.

ويرى أن على الشعوب مسؤولية أن "تنتفض"، مذكرا بالاحتجاجات الشعبية الفلسطينية على البوابات الإلكترونية.

ويقول خضري: "عندما أخذ الشعب الفلسطيني بزمام المبادرة بمساندة بعض الشعوب سواء العربية أو الأوروبية والغربية، جرى التراجع عن البوابات؛ لأن صاحب الحق (الشعب الفلسطيني) وقف بكل بسالة ضد هذا الكيان".

ويشير إلى أن على الشعوب ألا تنتظر من المستوى الرسمي شيئا، بل عليها الأخذ بزمام المبادرة لإحداث "انتفاضة كبيرة جدا" ضد نقل السفارة.

ويشدد على أن هذه القضية لا يمكن أن تنتهي إلا بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه.

ويردف: "الصراع سيبقى دائما متواصلا وفي النهاية ستكون النتيجة إيجابية جدا بنصر صاحب الحق وهو الشعب الفلسطيني والأمة العربية".

أيام قليلة قد تكون هي الفيصل في معرفة نوايا ترامب واتجاهاته الفعلية تجاه القدس، أما عواقب ذلك فمن غير المعلوم أي شكل ستتخذ.