فلسطين أون لاين

​عقدوا مؤتمرًا طالبوا فيه الحكومة بالحد من انتهاكات الاحتلال

"المياه المفتوحة" حلُم صيادي غزة المصادر من قِبل (إسرائيل)

...
غزة - أدهم الشريف

يمارس الصياد رشاد الهسي البالغ من العمر (74 عامًا) حرفة الصيد منذ عام 1954، يوم أن كانت المياه مفتوحة أمام صيادي غزة، وبإمكانهم الإبحار حتى بورسعيد المصرية.

لكن هذه المسافة تقلَّصت أمام الهسي، وما يزيد عن 4 آلاف صياد غزِّي بقرار من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وقواته البحرية التي لا تفارق البحر وترتكب "جرائم" بحقهم في عرض البحر.

"ورثت حرفة الصيد أبًا عن جد؛ كنا نمارس الصيد بكل حرية، ونبحر ونلاحق الأسماك في عمق البحر لمسافات بعيدة عن ساحل قطاع غزة" يقول الهسي لـ"فلسطين"، وهو جالس في ميناء غزة البحري.

يتذكر الهسي جيدًا تلك الأيام التي لن يمحوها مرور السنين، فقد بات هو ومعشر الصيادين يأملون أن يعود بهم الزمن إلى الوراء.

وصادرت (إسرائيل) حلم هؤلاء بمياه مفتوحة عقب انتهاء حرب عام 1967، بتقليص مساحة الصيد في بحر قطاع غزة فقط، كما يقول الهسي.

وتلى ذلك تقليص جديد لمساحة الصيد تتراوح في بحر قطاع غزة الذي يبلغ طول ساحله 40 كيلو متر، ما بين 3 و9 أميال بحرية (1852 متر للميل الواحد).

"تقليص المساحات يخضع لمزاجية الاحتلال الإسرائيلي" أضاف الهسي.

لكن رغم ما يتعرض له الصيادون في عرض البحر من انتهاكاتٍ تصل في بعض الأحيان إلى القتل العمد، وتدمير القوارب بما تحمل على متنها، إلا أنه يبدي استعدادًا لمواصلة حرفته.

ومع أنه صار طاعناً في السن إلا أنه بدا قويًا متماسكًا وهو يتابع حديثه: "الصيد مصدر دخلنا الوحيد، والأسماك هي قوت يومنا".

ودللّ على ما يتعرض له الصيادون من انتهاكات، بحادثة استشهاد الصياد محمد الهسي، في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وكان تحقيق أجراه قانونيون مختصون من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وديوان الفتوى والتشريع، أظهر أن الاحتلال تعمد تفتيت ودهس وإغراق قارب الصيد ما أدى لاستشهاد الصياد الهسي (32 عامًا).

واعتصم الصيادون، في ميناء غزة البحري، رفضًا لاستمرار الحصار المفروض بحرًا من "بحرية الاحتلال"، وعقدوا مؤتمرًا صحفيًا.

ويحظر الاحتلال على الصيادين الفلسطينيين الوصول إلى أماكن صيد تسمح اتفاقات دولية، لهم بممارسة الصيد فيها منذ أزيَّد من 11 عامًا مضت، بحسب منسق لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر.

وورد في بنود اتفاق (أوسلو) لعام 1993، بين الاحتلال ومنظمة التحرير، على إبحار الصيادين من غزة لمسافة 20 ميلاً بحريًا.

وقال بكر لـ"فلسطين" إن "بحرية الاحتلال مارست خلال السنوات الماضية القتل والتدمير والبطش والاعتقال تحت ظروف مهينة ومذلة للكرامة الإنسانية، وصادرت القوارب ودمرت عدداً منها في عرض البحر".

ويزيد عدد المراكب في غزة عن 1270 مركبًا مختلفة الأحجام، حسبما أفاد بكر.

وأضاف "نعتصم اليوم لنرفع صوتنا عاليًا، بضرورة رفع الحصار الظالم المفروض على الصيادين".

وطالب بتوفير حماية دولية للصيادين في ظل ما يمارس بحقهم من انتهاكات تنفذها بحرية الاحتلال ترقى لجرائم حرب وفق تصنيف القانون الدولي، داعيًا السلطة للتوجه إلى المحاكم الدولية.

ويأمل بكر من الحكومة برئاسة رامي الحمد الله، التي تسلمت مهامها أخيرًا في غزة، بإعادة ترميم ما دمرته بحرية الاحتلال وتحسين الظروف الاقتصادية للصيادين، ولقطاع الصيد عامة حتى يعود إلى سابق عهده.

لكنه قال "لا جدوى لأي مساحة يسمح بها الاحتلال طالما أن الانتهاكات وعمليات القتل والتدمير مستمرة بحقهم".

وعدد نقيب الصيادين في غزة نزار عياش، خلال المؤتمر الصحفي، انتهاكات الاحتلال بحق هذه الفئة خلال عام 2017.

وأشار عياش إلى استشهاد صياديْن واصابة 5 منهم، واعتقال 27 آخرين، وتدمير لنش وقارب صغير، ومصادرة ما يزيد عن 37 قاربًا وجميع معداتها.

وطالب الحكومة بالعمل الجاد للضغط على الاحتلال لتوسيع مساحة الصيد، والإفراج عن المراكب والمعدات المصادرة من البحرية الإسرائيلية.

كما طالب بضرورة إدخال جميع مستلزمات الصيد، ودعم الصيادين عن طريق مشاريع لإبقائهم في عملهم وجعلهم قادرين على تلبية احتياجات أسرهم.

ودعا إلى وقف ملاحقة بحرية الاحتلال للصيادين، وتوسيع مساحة الصيد إلى 20 ميلاً بحريًا حسب الاتفاقيات الدولية.

وأشار إلى أن الاحتلال يمنع دخول مادة "فيبرجلاس" الخاصة بصناعة أنواع من المراكب، وإصلاحها.

وقال إن هذا المنع ادى إلى تعطيل مشاريع كثيرة، وصعوبات كبيرة في أعمالهم.

وتقول مؤسسات حقوقية، إن انتهاكات الاحتلال بحق الصيادين "جرائم جسيمة مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة".

وأعلنت مسبقًا أنها ستتقدم بدعاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد الاحتلال لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ضد بعضهم.