فلسطين أون لاين

​طالت السياسيين أيضًا

"نبش الصور".. مزحةٌ "فيسبوكية" تكشف "المستور"

...
غزة - ياسمين النعيزي

"النستولوجيا" هي الحنين إلى الماضي، وبالطبع، فإن الصور القديمة جزء أساس من ماضي كل منّا, لكن ماذا لو كانت صورنا القديمة مدعاة للسخرية ووسيلة للتفاعل عليها بالدعابة و"النكتة" وخلق أجواء طريفة من خلال "نبش" الماضي "المؤسف" للبعض والمضحك للبعض الآخر؟ والـ"ما بيفرق معي" لجزء من الناس, هل بإمكاننا إيجاد مصطلح جديد خاص بالصور القديمة حينها, كـ"النبشولوجيا" مثلا؟

حملة "نبش الصور القديمة" غزت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسبوع, وما تزال مستمرة, يقوم من خلالها المستخدمون بالبحث عن صور أصدقائهم القديمة والمنشورة منذ بدايات استخدامهم لـ"فيس بوك", حينما كان غالبنا لا يتخير ما ينشره بعناية, أغلب المتفاعلين مع الصور يعلّقون عليها بنكاتٍ إما مهذبة أو لاذعة، ويختلف وقع التعليقات على صاحب الصورة من شخص لآخر, فقد يتفاعل أحد ضحايا عملية "النبش" مع أولئك "النابشين" بمرح، وربما يستخدم آخر سلاح "البلوك"، فيحظر من حسابه كل من علّق على صوره القديمة, وصنف مختلف يتجاهل تلك التعليقات لكي لا تصل صورته لأكبر عدد من الأصدقاء, أما "الفهلوي" فهو من حذف صوره "المخجلة" سابقًا قبل أن تطالها أيدي "عصابة النبش".

"فلسطين" حاورت بعض "رؤوس عصابة النبش" لمعرفة أسبابهم وراء تلك الهجمة, وبعضًا من "المنبوش عليهم"..

رؤوس الفتنة

عبد الحكيم رياش كان من ضحايا "نبش الصور القديمة"، لكنه لم يلبث أن بدأ بالبحث في صور أصدقائه، يقول لـ"فلسطين": "بدأ الأمر حينما كنت أمازح صديقي مزاحًا قاسيًا, في اليوم التالي، ولأجل الانتقام، قام صديقي بنبش صوري القديمة على (فيس بوك)".

بعد ذلك قام رياش بالرد بالطريقة ذاتها على كل من ضحك على صوره, حتى طالت تعليقاته ونكاته صور من لم يفعلوا ذلك أيضا, ثم انتشر ذلك الوباء لتصبح عرضة له جميع صور المقيمين في فلسطين, ثم انتشر في جميع أنحاء الوطن العربي.

وعن ردود الفعل، يقول رياش: "كثير من أصدقائي تعاملوا مع الأمر بروح رياضية, وكثير منهم أيضًا أظهر ثقة عالية بنفسه, والقليل منهم من انزعج, وفي البداية حين وضع أصدقائي تعليقات ساخرة على صوري كنت ممن انزعجوا, لكنني بعد انتشار الأمر تقبلت ذلك لأن (الموت مع الجماعة رحمة)".

بسبب الملل

وعند الحديث مع "زعيم" آخر من زعماء العصابة، نضال الوحيدي, حدّثنا كيف بدأ الأمر قبل سنوات عن طريقه، يقول: "كنت وأصدقائي مجتمعين بمستشفى كمال عدوان خلال حرب عام 2014, حينها كنا نشعر بالضجر، وقررنا أن نفعل شيئا يخرجنا من الجو, فقررنا أن نعود إلى صور أصدقائنا القديمة والمضحكة".

يضيف: "انقلب سحري عليّ، فمن أرادوا الانتقام مني، كتبوا تعليقات على صور، هي بالنسبة لي غاية في الإحراج لبداياتي الفيسبوكية, لكنني في هذه الحملة نجوت، لأن (فيس بوك) كان قد حذف حسابي القديم, وحسابي الحالي فيه صور أنتقيها جيدا".

واجه نضال ردودا مختلفة على تعليقاته, فمن الأصدقاء من تقبل مزحاته، ومنهم من انزعج، ومنهم من استخدم خيار "الحظر".

الساسة أيضًا

"فارس الغول" شارك في بدايات الحملة بالاتفاق مع أحد أصدقائه, فكلاهما يسخران من صور بعضهما، دون أن يسمحا لطرف ثالث بالاستهزاء بهما.

ولم يكتفِ الغول بذلك, بل بحث عن صور لشخصيات معروفة، وسياسية, وعن ذلك يقول: "أردت أن أوضح للجميع أن اختلاف شخصياتنا طبيعي جدًا, وحتى الشخصيات المعروفة لديها ماضٍ مضحك, لذلك علينا أن نتقبل المزاح على الصور القديمة بصدر رحب, لأننا لسنا وحدنا من نملك هذا الماضي المخجل".

ليست خصوصية

الإناث تفاعلن مع هذه الحملة، ولكن بدرجة أقل من الذكور، تقول "مها أبو الكاس" إنها لم تنزعج من "النبش" في صورها، لأنها ترى أن أقدم صورها على "فيس بوك" جيدة، نظرا للعمر الذي أنشأت فيه حسابها، مضيفة: "حين نكون في الجامعة، فإننا قد وصلنا إلى أكثر مرحلة عمرية نرضى فيها عن أشكالنا, على عكس أولئك الذين شهد (فيسبوك) تطوراتهم الشكلية والعمرية".

وتتابع: "الأمر لا علاقة له بالخصوصية أبدًا, فأنا طالما نشرت صورتي, فقد اخترت نزع الخصوصية عنها, أما إذا نشر أحدهم صورة خاصة لي لم أنشرها سابقًا, ولا أرغب بذلك, حينها يكون الأمر مزعجًا وفيه تعدٍ على خصوصيتي".

أما "دينا أحمد" فقد كانت من الفتيات القليلات اللاتي شاركن بالحملة، ولكن من خلال نشر صورتها بنفسها, وعن ذلك تقول: "كل شيء في الماضي أجمل, لم ينبش أحد في صوري لأن حسابي يخلو من الصور القديمة, فأنا حديثة العهد بموضوع نشر الصور, وكل صوري الجديدة منتقاة".

نبش وطني

أما المختص في الإعلام الجديد، والناشط على مواقع التواصل الاجتماعي خالد صافي فقد كان أحد الداعمين لحملة نبش الصور القديمة، لما تخلقه من تفاعل جميل بين الأصدقاء, إلا أنه كانت له بعض الأماني بخصوص تلك الحملة.

يقول صافي: "بما أنها انتشرت وكان لها تأثيرها, فقد راودتني بعض الأمنيات, ومنها البحث عن خارطة فلسطين التاريخية قبل النكبة والنكسة وخلال الانتفاضة وبعد بناء جدار الفصل العنصري".

ويضيف: "ليتنا تحدينا أصدقاءنا بالتنقيب عن صور الحفريات في المدينة المقدسة منذ عام 2006، يوم أن بدأت السلطات الإسرائيلية رسميًا بالإشراف على الحفريات تحت المسجد الأقصى".

ويتمنى صافي لو قام رواد مواقع التواصل بالنبش عن صور الأسرى القدامى قبل 10 سنوات، ليرى العالم ماذا فعل السجان بهم.