فلسطين أون لاين

الطاهر لـ"فلسطين أون لاين": نتائج إستراتيجية لطوفان الأقصى والمشروع الصهيوأميركي مصيره الفشل

...
مشاهد من 7 أكتوبر 2023 "طوفان الأقصى"
غزة- بيروت/ علي البطة

د. ماهر الطاهر الأمين العام للمؤتمر القومي العربي لـ"فلسطين أون لاين":

  •  نتائج إستراتيجية لطوفان الأقصى والمشروع الصهيوأميركي مصيره الفشل
  •  صمود غزة أسقط السردية الصهيونية ووضع فلسطين في صدارة وعي شعوب العالم
  • -جبهة عربية شاملة لمواجهة المخطط الصهيوأميركي ضرورة تاريخية لا تحتمل التأجيل

أكد د. ماهر الطاهر الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، أن ملحمة طوفان الأقصى لها نتائج إستراتيجية على المستوى الفلسطيني، والعربي، والإقليمي، والعالمي، إلى جانب تعميق أزمة الكيان الصهيوني، والبرهنة أنه ليس إلا أداة بيد الإمبريالية العالمية.

وعبر الطاهر في مقابلة شاملة مع "فلسطين أون لاين" عن ثقته بفشل المشروع الصهيوني الأميركي الذي يستهدف القضية الفلسطينية والدول العربية، مشددا على أن موقف الشعب الفلسطيني واضح: إدارة غزة لا يمكن أن تكون إلا من خلال الشعب الفلسطيني ومرجعياته، وعليه لا يمكن أن نقبل بهذه الترتيبات التي تريد فرض وصاية جديدة على الشعب الفلسطيني واستمرار احتلال غزة بصيغ وأشكال جديدة.

وأكد ضرورة بناء وتشكيل جبهة مواجهة حقيقية ضد المخطط الصهيوأميركي، تضم كل القوى المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية والمؤمنة بمواجهة المشروع الأميركي–الصهيوني الذي يستهدفنا جميعاً ويستهدف كل البلدان العربية.

المشهد الفلسطيني بعد طوفان الأقصى

وفي تفاصيل المقابلة رأى الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، أن المشهد الفلسطيني بعد عملية طوفان الأقصى يمكن تلخيصه بجانبين أساسيين: الأول أن هناك صموداً أسطورياً لشعب مقاوم أذهل العالم كله بصموده المنقطع النظير، حيث واجه عمليّة إبادة وعمليّة تطهير عرقي على مدى أكثر من عامين متواصلين ومازالت الاعتداءات مستمرة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف أن هذا الشعب العظيم سجّل على أرض قطاع غزة مِلحمة مجدٍ سيسجّلها التاريخ وستتذكّرها الأجيال جيلاً بعد جيل.

وشدد على أن شعبنا صنع معجزة على أرض قطاع غزة، ولم يُرفع علم في العالم كما رُفع علم فلسطين في كل أنحاء الأرض، وعملية طوفان الأقصى وضعت القضية الفلسطينية على أجندة كل شعوب الأرض. وقال: هذا جانب من المشهد: صمود أسطوري لشعب عظيم.

 أما الجانب الثاني من المشهد، وفق الطاهر، أننا أمام عدو فاشي مجرم مارس حرب إبادة ومارس عملية قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس، وانكشفت حقيقتُه أمام العالم أجمع.

وعد أن ملحمة طوفان الأقصى ملحمة ومعركة تاريخية كاشفة للعورات؛ كشفت أننا أمام عدو يريد شطب الشعب الفلسطيني وتهجيرَه من أرضه ودياره. لأن هناك سبعة ونصف مليون فلسطيني على أرض فلسطين، وهذا العدو الغاشم يدرك أن صمودهم على أرضهم وبقاؤهم يهدّد كل المشروع الصهيوني.

 كما كشفت عملية طوفان الأقصى – وفق الطاهر- أنه لا يوجد قانون دولي في هذا العالم وأننا أمام عالم يقوم على قاعدة القوة والغطرسة وشريعة الغاب.

ورأى أن ملحمة الطوفان كان لها نتائج عميقة وكبرى، وسيكون لها نتائج استراتيجية على المستوى الفلسطيني والعربي والإقليمي والعالمي. عمّقت أزمة الكيان الصهيوني وبرهنت للعالم أجمع أن هذا الكيان ليس إلا أداة بيد الإمبريالية العالمية.

وشدد على أنه لولا الدعم والأساطيل الجوية والبحرية وتقديم كل أنواع السلاح لهذا العدو — كما قال الرئيس الأميركي ترامب في الكنيست الصهيوني: “1000 طائرة وصلت إلى الكيان” قدمت كل أنواع أسلحة القتل والدمار و150 باخرة وصلت إلى الكيان قدمت كل أنواع أسلحة القتل والدمار وبالتالي اتضح تماما أمام كل شعوب الأرض أننا أمام كيان وظيفي في هذه المنطقة يحقق المصالح الاستعمارية.

ونبه إلى أن أزمة الكيان الصهيوني تزداد وتتعمّق، مقرا بأنه سيكون هناك تداعيات عميقة واستراتيجية لملحمة طوفان الأقصى على هذا الكيان.

وأشار إلى أن هذا الكيان يقوم بهذه العربدة والغطرسة لأنه يريد طمأنة المستوطنين الذين بدأ قسمٌ منهم يفكّر بالهجرة ومغادرة أرض فلسطين، منبها إلى أن دائرة الهجرة في الكيان الصهيوني أعلنت أن عدد المغادرين الصهاينة من أرضنا أضعاف وأكبر بكثير من عدد اليهود القادمين إلى فلسطين وقالوا إن هذا خطرا استراتيجيا على الكيان الإسرائيلي.

وشدد على أن شعبنا يخوض صراع ومعركة تاريخية طويلة الأمد، مؤكدا أن هذه المعركة مستمرة ومتواصلة ولن تكون نتيجتها إلا انتصار الشعب الفلسطيني واستعادة أرضنا وبلادنا.

أهداف المشروع الأميركي–الإسرائيلي

وحول رؤيته لحقيقة أهداف للمشروع الأميركي–الإسرائيلي في المنطقة، بين أن هذه الأهداف أُعلِنتْ صراحة على لسان رئيس وزراء الكيان نتنياهو عندما قال إنهم يعملون لخلق شرق أوسط جديد ويريدون تغيير خارطة الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية والإدارة الأميركية، في سياق صراعها العالمي مع أقطاب أخرى كالصين وروسيا ودول البريكس، تدرك تماماً أن هيمنتها على العالم — وموضوع القطب الواحد الذي تكرّس بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السابقة — بدأ يتراجع لأننا نشهد نمو أقطاب عالمية، وعمليّة تحوّل باتجاه نظام عالمي متعدد الأقطاب.

ورأى أنه على هذا الأساس تسعى الولايات المتحدة للسيطرة الكاملة على المنطقة العربية وما يُسمى بالشرق الأوسط، وتريد أن تجعل الكيان الإسرائيلي هو القوة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً على المنطقة لكي تتفرّغ أميركا للمواجهة مع قوى دولية، خاصة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي ظهرت مؤخراً والتي تُركّز الانتباه على الصين وآسيا وأميركا اللاتينية.

ووفق القيادي الطاهر، نحن نواجه خطرًا حقيقياً من المشروع الأميركي–الإسرائيلي في المنطقة؛ محذرا بأنهم يريدون فعلاً السيطرة الكاملة على منطقتنا، مستدركا بأن هذا المخطط لن يكتب له النجاح لأن أمتنا وشعبنا ومنطقتنا يواجهون هذا المخطط والمعركة محتدمة وقائمة ومستمرّة.

شرق أوسط جديد

ونبه الطاهر إلى أن الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل تل أبيب وواشنطن على إعادة تشكيله يستهدف أن يكون على أنقاض ليس الشعب الفلسطيني فقط بل على أنقاض الأمة العربية بأسرها والعالم الإسلامي.

وقال: نحن نواجه معركة هوية ومعركة مصير، يريدون القضاء على الهوية العربية والهوية الإسلامية وخلق ما سُمّي بشرق أوسط جديد يكون فيه الكيان الصهيوني السيد على هذا الشرق الأوسط.

وشدد على أننا نخوض معركة تاريخية بكل معنى الكلمة: "معركة عسكرية، معركة سياسية، معركة وعي؛ لأنهم فعلاً يريدون مسح الهوية العربية والهوية الإسلامية".

كما شدد على أن المعركة خطيرة وجدية ومتواصلة، وشعبنا الفلسطيني يدرك جيداً أن السيطرة على المنطقة وسحق هويتها يتطلب تصفية القضية الفلسطينية وضرب قوى المقاومة. لذلك شعبنا صامد والمقاومة صامدة والمعركة متواصلة.

أداء المقاومة الفلسطينية

وحول تقييمه لأداء المقاومة من جانب ونتائج العدوان والإبادة قال: نحن كشعب فلسطيني دفعنا ثمنًا باهظ وقدمنا تضحيات هائلة ومورس ضدنا حرب إبادة حقيقة؛ وارتقى لنا أكثر من 75 ألف شهيد، وأكثر من 180,000 جريح، وآلاف تحت الأنقاض — حوالي 300,000 بين شهيد وجريح.

وشدد على أن هذه التضحيات لن تذهب سدىًّ لأننا تمكّنا كشعب فلسطيني من خلال المواجهة ومن خلال التضحيات الهائلة التي قدّمها شعبنا أن نفرض حقائق جديدة.

ورأى أن العالم بأسره أصبح يدرك أن السردية الصهيونية والخداع الصهيوني الذي مورس على مدى العقود الماضية بأن الكيان الإسرائيلي يعيش في منطقة تريد القضاء عليه وأنه واحة الديمقراطية، اتضح تماماً للعالم زيف هذه السردية الصهيونية وانكشفت حقيقة الكيان الصهيوني أمام كل دول العالم.

وقال: لذلك تشاهدون اليوم التحولات في الرأي العام الأميركي، وحوالي 60% من الشباب الأميركي بات يؤيّد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ويرفض ممارسات الإبادة والتطهير العرقي التي قام بها العدو الصهيوني الغاشم.

وشدد على أن ملحمة طوفان الأقصى أظهرت نقاط قوة كبيرة للشعب الفلسطيني وأظهرت نقاط ضعف شديدة داخل هذا الكيان الصهيوني الذي تتعمق تناقضاته الداخلية في ضوء هذه الملحمة التي سطرها شعبنا والذي يدافع عن الأمة العربية بأسرها.

المخاطر الكبرى

ويؤكد أن الكيان الصهيوني، مدعوماً من الإدارة الأميركية، يحاول أن يحقق سياسياً ما عجز عن تحقيقه بالحرب والقوة والغطرسة والعدوان.

وبين أنه عندما طرحت خطة “ترامب” وما سُمّي بمجلس السلام، هذه الترتيبات تستهدف استمرار السيطرة على قطاع غزة وتستهدف نزع سلاح المقاومة وفرض سيادة خارجية على قطاع غزة تتجاوز إرادة الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن هذا يذكرنا بالانتداب البريطاني على فلسطين الذي مَهّد لقيام المشروع الصهيوني وقيام دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.

ورأى أنهم يريدون من خلال ما سُمّي بمجلس السلام فصل قطاع غزة عن الضفة، ويريدون نزع فلسطينية قطاع غزة ونزع فلسطينية الضفة ونزع فلسطينية فلسطين.

وشدد الطاهر على أن موقف الشعب الفلسطيني واضح: إدارة غزة لا يمكن أن تكون إلا من خلال الشعب الفلسطيني ومرجعياته، وبالتالي لا يمكن أن نقبل بهذه الترتيبات التي تريد فرض وصاية جديدة على الشعب الفلسطيني واستمرار احتلال غزة بصيغ وأشكال جديدة.

وقال: هذا الأمر يواجه رفضًا فلسطينيًا شاملاً من كل القوى لهذا المخطط.

ورأى أن المشروع الأميركي–الإسرائيلي غير قابل للنجاح، لأنهم يريدون السيطرة الكاملة على المنطقة ويريدون التصفية الشاملة للقضية الفلسطينية، وهذا لا يمكن أن ينجح.

وقال: هناك شعب مقاوم صامد على أرضه لن يرحل ولن يترك هذه الأرض.

ووفق تقدير الطاهر فإن أحد أسباب هذه الغطرسة والعدوانية الصهيونية واستمرار الاعتداءات على فلسطين ولبنان وسوريا وبلدان عربية أخرى هو أن الكيان الصهيوني يريد طمأنة المستوطنين الصهاينة الذين بات قسم منهم يفكر بالرحيل عن أرضنا وبلادنا.

وأشاد إلى أنهم يريدون إعطاء طمأنة لهؤلاء المستوطنين بأنهم سيطروا على الأوضاع في فلسطين وضربوا المقاومة في لبنان ومستمرون بالاعتداءات على سوريا، وحتّى أنّهم قاموا بعدوان على قطر وقاموا بعدوان أيضا على تونس عندما ضربوا أساطيل الحرية.

وعبر عن قناعة راسخة بأنّ هذا المخطط الأميركي–الإسرائيلي سيكون مصيره الفشل بسبب صمود شعبنا وإصراره على استمرار النضال والمقاومة بكل أشكالها لاستعادة كامل حقوقنا الوطنية.

وشدد على أن شعوب أمتنا العربية والعالم الإسلامي وشعوب هذه المنطقة لن تقبل بالهيمنة الأميركية–الإسرائيلية، وبالتالي من سيقرر مصير هذه المنطقة هم شعوب هذه المنطقة.

جبهة مواجهة

وحول إمكانية تشكيل جبهة مواجهة حقيقية ضد المخطط الذي يستهدف الشعوب العربية، قال الطاهر: نحن فعلاً بحاجة ماسّة لبناء وتشكيل جبهة مواجهة حقيقية ضد المخطط، تضم كل القوى المؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية والمؤمنة بمواجهة المشروع الأميركي–الصهيوني الذي يستهدفنا جميعاً ويستهدف كل البلدان العربية.

وأشار إلى أن المخطط لا يستهدف الشعب الفلسطيني فقط، بل يستهدف مصر، الأردن، السعودية، العراق، سوريا، لبنان؛ وبالتالي، نحن أمام مخطّط كبير وخطير يتطلب توحيد طاقات الأمة وتشكيل أوسع جبهة مواجهة حقيقية على أساس الاتفاق على برنامج عمل مشترك.

وتابع: نحن في المؤتمر القومي العربي، باعتبار هذا المؤتمر يشكّل مرجعية ثقافية وفكرية، نقدّم رؤى ودراسات وأبحاث حول كيف يمكن أن نواجه المشاريع المعادية لأمتنا العربية والإسلامية وكيف نستطيع أن نُعيد الاعتبار لبناء المشروع النهضوي العربي الذي يحقّق الوحدة العربية، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، التنمية المستقلة والتجدد الحضاري وتحرير فلسطين. وهذه من أهم المهمات التي تواجه كل القوى الحريصة على مستقبل أمتنا وشعوبنا.

مستقبل القضية

وحول رؤيته لمستقبل القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني؟ شدد على أن أن كل محاولات التصفية سيكون مصيرها الفشل.

وقال: نحن على قناعة أن الشعب الفلسطيني لن ينحني ولن يركع؛ وهذا ما برهنته ملحمة طوفان الأقصى وصمود شعبنا وتضحياته على مدى قرن كامل.

كما عبر عن ثقته بأن الشعب العربي يرفض التطبيع ويرفض الاستسلام لهذا الكيان الصهيوني.

وشدد على أن مستقبل القضية الفلسطينية سيكون لصالح الشعب الفلسطيني، لكن هذا يتطلّب رؤية جادة وضرورة بلورة تصور مشترك بين كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية المناهضة للمشروع الصهيوني.

وقال: يجب أن تتلاحم كل هذه القوى وأن يكون تناقضنا الرئيسي كاتجاهات سياسية وفكرية في مواجهة التناقض الرئيسي مع المشروع الصهيوني، وأن نُفْشِل محاولات الاستعمار الذي يريد تسعير التناقضات والخلافات بين القوى الإسلامية والقومية واليسارية.

وختم بتأكيد ضرورة أن نوحّد طاقاتنا وجهودنا لمواجهة التناقض الرئيسي مع المشروع الصهيوني الذي يستهدفنا جميعاً.

المصدر / فلسطين أون لاين