فلسطين أون لاين

كان يؤكل لقلّة مشتريه

طائر الحسون.. عزَّ وجوده في غزة فارتفعت قيمته

...
غزة - خاص "فلسطين"

يصر الشاب عبد الله بخيت على اقتناء طائر الحسون رغم ارتفاع ثمنه، فهو يرى أن صوته غذاء نفسي وروحي، ينقله من صخب الحياة ومتطلباتها الصعبة، إلى عالم آخر يسوده الهدوء والطمأنينة والراحة النفسية والجسدية.

ويحظى طائر الحسون بمكانة عالية في عالم الطيور في غزة، ويلقى رواجا رغم ارتفاع أسعاره التي لا تتناسب مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية في القطاع، فسعر هذا الطائر يتراوح سعر بين 70 شيكلا (20 دولارا)، و4 آلاف شيكل (1200 دولار)، ويرتفع سعره أكثر كلما تميّز بمواصفات أفضل ولغة عالية جدا.

متعة وتجارة

تحت الشمس الصباحية الدافئة، ومع رشفات من المعشوقة السمراء، يستمع الشاب بخيت ذو اثنين وثلاثين ربيعا، وهو مستلقٍ أمام منزله، لصوت طائر الحسون، الذي يعشقه الكثيرون، على حد تعبيره.

ورغم بساطة منزله، ودخله الزهيد الذي يجنيه من عمله في البناء "الطوبار"، والذي لا يكفي أمام متطلبات أبنائه الأربعة وزوجته وأعباء الحياة الأخرى، يمتلك بخيت ثلاثة من طيور الحسون البلدي والمصري بسعر 70 شيكل للمصري و 100 شيكل للبلدي.

يربّي بخيت طيور الحسون منذ ما يقارب 15 عاما، أي عندما كان طالبا في الثانوية العامة، حيث توارث الخبرة في التعامل مع الطائر من أبيه وجده.

ويتخذ في بعض الأحيان من هذا الطائر سلعة للتجارة، ويقول: "إذا وجدت بيعا رابحا للطيور التي أملكها، فإنني أبيعها، ثم أشتري غيرها، لكي أستفيد من الربح في توفير احتياجات المنزل".

إدمان الاقتناء

وتتمتع فلسطين بتنوع حيوي وبيئي، ما جعلها وجهة لمئات الأنواع من الطيور، لكن طائر الحسون كان صاحب الحظ الأكبر في اهتمام الهواة ومربي الطيور.

أحمد مهدي، وهو هاوٍ لتربية طيور الزينة، يرى أن ارتفاع سعر الطائر يؤثر على أعداد مقتنيه، وتراجع الكثير من الراغبين بتربيته عن شرائه.

ويشير إلى أنه اقتناء طائر الحسون كان مجرد هواية عنده، ثم تحول إلى "إدمان"، حيث تعوّد على تربية أكثر الطيور جمالا في الشكل والصوت، رغم ارتفاع الأسعار.

حسب المواصفات

ويوضح عدة صيادين أن سعر الحسون يرجع إلى نوعه وشكله كما أوضح، حيث إن الحسون المصري يتراوح سعره بين 60-80 شيكلا، أما سعر الحسون البلدي فيتراوح بين 100-120 شيكل، وبالنسبة للحسون الجردي "المهاجر" فقد يزيد ثمنه على 150 شيكل، وأحيانا إذا كان طائر الحسون ذا مواصفات عالية جدا من الناحية الشكلية والجمالية واللغوية والنوعية، فمن الممكن أن يصل سعره إلى 1000 دينار أردني.

يقول الصياد سامر بدوان: إن ارتفاع ثمن الحسون يرجع إلى قلة صيده، وتراجع وجوده في قطاع غزة، وصعوبة تربيته والتفريخ منه، كذلك نقص الطيور التي يتم استيرادها من مصر.

ويوضح بدوان الفرق بين الأنواع الثلاثة لطائر الحسون: "المصري هو الذي يصلنا من مصر، هو أقل سعرا، والبلدي يتواجد بشكل دائم ومستمر طوال العام في المنطقة الشرقية من القطاع، ويتخذها بيئة له للعيش فيها، أما الجردي فهو الحسون المهاجر الذي يتم صيده شهر نوفمبر فقط".

ويُرجع تاجر الطيور، جهاد الديري، سبب ارتفاع سعر الحسون البلدي عن المصري، إلى أن المصري تكون حياته في خطر بعد انتقاله إلى غزة، بسبب تغير ظروف الطقس عليه، إضافة إلى أن البلدي هو الأفضل من حيث الشكل والصوت واللغة.

ويلفت إلى أن بعض المربين والتجار يبيعون طائر الحسون المصري على أنه بلدي، لأن الكثير من المشترين لا يفرقون بين كلا النوعين.

بدوره، يقول الشاب محمد عزام، وهو صياد يقضي كثير من وقته في الحقول خلف شباكه، إن من أسباب تراجع صيد الحسون ما يتعرض له الصيادون من مخاطر عندما يصطادوا الطائر على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

ويضيف أن الطيور المهاجرة بشكل عام، وطائر الحسون بشكل خاص، تتواجد في الجهة الشرقية للقطاع، على طول الحدود مع الاحتلال، بسبب كثرة الأحراش والمراعي على الجهة الشرقية، وقلة الازدحام السكاني والمباني السكنية، حيث تكون بيئة مناسبة للطيور وأعشاشها.

ويشير إلى أن تجارة الحسون اختلفت عمّا كانت عليه في السابق، إذ كان متوافرا بكثرة في القطاع، ولم يكن له مشترون، مما كان يدفع الصيادين لذبحه وطهوه ضمن وجبات طعامهم.

ويُرجع صيادون تراجع صيد طائر الحسون في القطاع إلى قلة الغطاء النباتي، وازدياد الازدحام السكاني، وتواجد البنايات العالية، الأمر الذي يهدد بيئة الطائر النباتية والجغرافية، وينزع عن القطاع صفة الموطن الآمن والمناسب لتواجد الحسون والطيور المهاجرة بشكل عام.

ويفتقد هواة ومربو وصيادو طائر الحسون إلى جمعية أو مؤسسة تمثلهم، ويرون أن وجود جسم من هذا النوع يمثّل قوة تساندهم وتشجع على تربية الطائر، وتمدهم بالخبرة والكفاءة في فن التعامل معه.