فلسطين أون لاين

​لأنها تؤكد هوية الأرض

"سلفي أنت وتراثك".. حملة لحماية المباني التاريخية في فلسطين

...
طولكرم - خاص "فلسطين"

لا تزال المجزرة التي تتعرض لها المباني التاريخية والقديمة في فلسطين مستمرة، إذ باتت هذه المباني عرضة للاندثار، والهدم، إما بجرافات الاحتلال، ومعاول المستوطنين، وأحيانا بأيد فلسطينية، لتقوم على أنقاضها بنايات سكنية أو تجارية.

لمقاومة تغييب هذه المباني، أطلقت هيئات ومراكز فلسطينية ومجموعة من الناشطين، دعواتٍ ومناشدات لإنقاذ المباني التاريخية في فلسطين من الاندثار، ومن بين هذه الحملات الحملة التي أطلقها مركز رواق "مركز المعمار الشعبي" تحت عنوان "سلفي أنت وتراثك".

تفاعل كبير

وتقول منسقة الحملة المهندسة آية طحان: إن "الحملة تهدف لزيادة الوعي الفلسطيني بأهمية الموروث الثقافي والمباني التاريخية، وتوفير كم من المعلومات والصور عن مبان تاريخية في فلسطين في هذه اللحظة، والتشجيع على زيارة المراكز التاريخية في القرى والمدن الفلسطينية وفي الأحواش والحارات".

وأضافت لـ"فلسطين" أن الحملة انطلقت في الثامن عشر من الشهر الماضي، وكان من المقرر أن تستمر لمدة شهر واحد، لكن تم تمديدها شهرا إضافيا، حتى الثامن عشر من الشهر القادم، نظرا للتفاعل الشعبي الكبير مع الحملة.

وتابعت: "المشكلة تكمن في أن كثيرا من الناس لا يتوجهون إلى هذه الأماكن، ولا يقدرون قيمتها، ولذلك تبقى مهجورة، ولا يُستفاد منها"، مواصلة: نحن من خلال هذه الحملة نشجع الناس على زيارتها وتصويرها وتوفير معلومات عنها، وهكذا يتوفر كم كبير من الصور لهذه المباني بالإضافة إلى معلومات عنها".

وأشارت إلى أنه في ختام هذه الحملة سيتم تقديم جوائز لبعض المشاركين فيها.

وبينت طحان: "نحن معرّضون لخسارة تراثنا في ظل استمرار عمليات الهدم، لذا فإننا نطالب الناس بالاهتمام بهذه المباني التي تشكل موروثا تاريخيا وثقافيا للشعب الفلسطيني، وهذا الموروث مُستهدف من قبل الاحتلال".

ولفتت إلى أنه عندما يتم ترميم هذه المباني، يمكن جعلها مناسبة للحياة العصرية، واستخدامها للسكن أو لأغراض تجارية.

لإثبات الهوية

وقالت طحان: إن "قسما كبيرا من المباني التاريخية في فلسطين يعاني من الإهمال، بسبب قلة الوعي، والكثير من هذه المباني مهجور، أو مهدم، أو في طريقه للهدم وبعضها تحول إلى مكرهة صحية أو اصبح منطقة خطيرة لأسباب متعددة"، مضيفة: "عمليات الهدم تجري من أجل بناء عمارات أو توسيع شوارع وغيرها من الأهداف، ونحن في (رواق) لسنا جهة رسمية مخولة بمنع الهدم".

تابعت: "نحن نخسر بيتًا بيتًا، دون أن نشعر بخطورة ما يجري، في الوقت الذي يُظهر فيه الاحتلال اهتماما بهذه المباني القديمة، ويدّعي أنها جزء من الهوية الإسرائيلية". لافتة إلى وجود اهتمام ببعض المباني، ولكنه لا يرقى للمستوى المطلوب.

وبحسب طحان، فإن مركز "رواق" أحصى وجود 50320 مبنى تاريخيا وقديما في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى عام 2004، لكن هذا الرقم قل بسبب عمليات الهدم.

وأكدت أن هذه المباني مستهدفة من الاحتلال، لأنها تؤكد الهوية الفلسطينية لهذه الأرض، وخاصة في القدس والمناطق التي يرى فيها أهمية له، حيث يتم مصادرتها، سواء كانت سكنية أو دينية أو معالم أثرية، عبر إصدار سلسلة من الأوامر العسكرية المدعومة بقوة الجيش والشرطة الإسرائيلية، أو بسرقة مكونات العمارة لهذه المباني، بالسطو على حجارة المباني التاريخية، وبلاطها وزخارفها بما تحمله من مظاهر جمالية لتشييد مبان بطراز قديم للإيهام بتمثيلها رمزًا دينيًا أو شعبيًا.

وأوضحت: "أحيانا تلجأ سلطات الاحتلال إلى تطعيم المباني بالرموز اليهودية لتزوير تاريخها وتهويدها؛ كوضع حجارة يحمل بعضها رسم "النجمة السداسية" التي ترمز إلى اليهودية".

وأشارت إلى أن "بعض الفلسطينيين يبيعون حجارة المباني التاريخية للإسرائيليين".

حاجة ملحّة

من جانبها، قالت مديرة مركز رواق سعاد العامري، إن الحاجة باتت ملحة لتطوير خطة شاملة لحماية التراث الثقافي في الأراضي الفلسطينية، ليس لأجل الأبعاد الثقافية والحضارية والتاريخية له فقط، بل أيضًا لكونه يشكل موردا اقتصاديا عظيما، إذا أُحسن استخدامه وتطويره.

وأضافت لـ"فلسطين": "من غير الممكن حماية التراث الثقافي في فلسطين، من دون تحقيق جملة من الشروط، أولها أن تكتشف المؤسسة الرسمية الفلسطينية هذا البعد، وتبادر إلى وضع حماية التراث الثقافي على سلم الأولويات الوطنية للتنمية".

وتابعات: "كما يجب بناء سياسة وطنية تتعلق بحماية التراث الثقافي، تعمل على توحيد الجهود، وتقليل التشتيت والتضارب في الصلاحيات لدى الجهات المختلفة ذات العلاقة بالتراث، وضرورة وجود مرجعية دستورية لحماية التراث الثقافي وتطويره، وسن قانون لحماية التراث الثقافي ضمن المعايير الدولية، وتحضير خطط حماية وتطوير للمناطق التاريخية، وتطوير المشاركة الشعبية في حماية المباني التاريخية والتراث الثقافي بشكل عام، وتوجيه القطاع الخاص للاستثمار المضبوط في التراث الثقافي".