حججٌ واهية تتذرع بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي كي تمنع سفر آلاف المواطنين من الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة للخارج عبر معبر الكرامة، فيما تمارس إجراءات وعراقيل مهينة أثناء رحلات السفر، من تأخير المواطنين لساعات طويلة، وإخضاعهم للتحقيق في غرف المخابرات، والتفتيش لأهون الأسباب.
يقول الدكتور أمين أبو وردة، من مدينة قلقيلية: إنه ممنوع من السفر منذ عام 2012، من قبل سلطات الاحتلال، ولا زال قرار المنع سارياً حتى اللحظة، ودون إبداء أي أسباب تُذكر.
وتقدم أبو وردة بعدة طلبات للارتباط المدني في الضفة الغربية، للموافقة على سفره لتلبية دعواتٍ وصلته للمشاركة في مؤتمراتٍ علمية متخصصة في دول خارجية، إلا أن الرد كان سلبيًا في كل مرة.
وقال لـ"فلسطين": إن منعه من السفر حرمه إلى جانب المشاركة في المؤتمرات العلمية الخارجية من استكمال الدراسات العليا في ماليزيا، والالتحاق بدوراتٍ علمية متخصصة في عدة دول، إلى جانب زيارة أقاربه في الأردن.
وأكد أنه تقدم بدعاوى قضائية لكسر حظر سفره للخارج، لكن قضاء الاحتلال الإسرائيلي كان له ردٌ واحد على هذه الدعاوى "هذا الشخص يشكل خطورة على أمن الدولة"، في إشارة إلى أن المنع لا يتصل بقضية معينة بل عقابي بالدرجة الأولى.
ووفقاً لبيان سابق لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، فقد استغلّت سلطات الاحتلال سيطرتها على منفذ معبر "الكرامة" لمنع أعداد كثيرة من سكّان الضفة والقدس من السفر إلى الخارج، لتبقيهم رهن الحبس لسنوات طويلة، ويجري ذلك تبعًا لقرار إداري، دون أيّ إجراء قضائي وبلا أيّ مبررات.
وجاء في بيان المركز "إنه وفق معطيات إدارة المعابر والحدود الفلسطينية، فإنّ (إسرائيل) منعت في عام 2016 خروج 2,262 من سكان الضفة الغربية الذين وصلوا إلى المعبر بهدف السفر إلى الخارج؛ وفي سنة 2015 منعت سفر 1,736 منهم".
وبحسب المركز الإسرائيلي فإن ما طرحه من أرقامٍ مُوثقة، تخصّ فقط المواطنين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى الجسر "معبر الكرامة" واضطرّوا للرجوع لبيوتهم، بعد ابلاغهم بالمنع من السفر، ولا تشمل مواطنين كثرًا، يمتنعون سلفاً عن القدوم إلى الجسر بسبب قرارات منع مسبقة لديهم من سلطات الاحتلال.
ويبدي الصحفي يزيد خضر، استياءه إزاء منعه من السفر منذ 18 عامًا، محاولاً خلال هذه السنوات التوجه لمعبر الكرامة غير أنه وفي كل مرة يتم إرجاعه، ويُبلغ بوجود قرارٍ يحظر سفره للخارج.
لم يقف خضر مكتوف اليدين؛ كما قال لـ"فلسطين"، بل رفع قضية عبر محامي مؤسسة حقوقية داخل دولة الاحتلال، غير أن محاولته باءت بالفشل، فيما قابل ضابط مخابرات الاحتلال في المدينة التي يقطن، وأوضح له أن سفره بغرض أداء العمرة لكن ذلك أيضاً لم يجدِ نفعاً.
ويذكر أن الارتباط الفلسطيني أبلغه أن منع السفر يُجدد تلقائياً كل عامين من قبل سلطات الاحتلال، ودون أن يكون هناك أسباب واضحة، متوقعًا أن قرار منعه من السفر "انتقامي" بسبب عمله في السلطة الرابعة.
من جانبه يؤكد مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج، أن قرارات منع السفر تحول الآلاف من الفلسطينيين إلى معتقلي سجن كبير، بشكل يرتقي لمستوى الجريمة، بسبب انتهاكه القانون الدولي الانساني والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الانسانية والمدينة.
ويشدد الأعرج في تصريحه لـ "فلسطين"؛ على أن الاحتلال وبسياسته هذه يفرض عقوبات جماعية على الآلاف من المواطنين دون أن يقترفوا أي ذنبٍ يذكر، لافتاً إلى أن سياسة العقاب الجماعي عبر سياسة المنع من السفر، تتسع بشكل ملحوظ لتشمل أعدادًا أكبر من مواطني الضفة والقدس.
وللتصدي لهذه الإجراءات فإن مركزه يحاول متابعة القضية على مستوى المؤسسات الإقليمية والدولية الحقوقية، كاشفاً عن تحرك قادم تجاه الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيروس، لتوجيه نداء باسم الممنوعين من السفر.
ويضيف: "سنقول للعالم إن هناك جريمة يرتكبها الاحتلال يوميًا وبشكل متواصل مع سبق الإصرار بحق المواطنين عبر منعهم من السفر لسنوات طوال، وأن المجتمع الدولي عليه أن يتحرك لوقف الجريمة؛ ويدينها لاسيما و أن سلطات الاحتلال تحاول أن تسوّغ نفسها على أنها واجهة للديمقراطية وهي تنتهك أبسط حقوق الانسان".
ويلفت الأعرج إلى أن الاحصاءات المحدثة الحالية بما يتعلق بالعام الجاري، لمن يتم منعهم من السفر من مواطني الضفة والقدس، تشير إلى أن نحو 150 مواطنا يتم ارجاعهم ومنعهم من السفر شهرياً.