عشرة تجمعات بدوية تقع شرقي القدس المحتلة، تضم 12 ألف نسمة، تمتد من مدينة القدس وحتى الأغوار، مهددة بالتهجير من قبل الاحتلال الإسرائيلي بعدما أطلق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لجيشه لتنفيذ مخطط تهجيرهم. الضحية الأولى هنا تجمع "جبل البابا" شرقي القدس الذي يمتد على مساحة 2500 دونم، حيث سلمت سلطات الاحتلال أول من أمس سكانه من البدو أوامر بإخلاء منازلهم خلال ثمانية أيام.
ولخص مسؤولون تحدثوا في أحاديث منفصلة مع "فلسطين" خطورة تهجير التجمعات البدوية في خمسة جوانب؛ هي: أنها مقدمة لإقامة مشروع القدس الكبرى، وفصل شمال الضفة عن جنوبها ومنع أي تواصل جغرافي بين الفلسطينيين، وتوسيع حدود بلدية القدس المحتلة، وبالتالي إنهاء قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وإلغاء الوجد الفلسطيني حول القدس، ومحاصرة المقدسيين داخل المدينة المقدسة.
وأمر نتنياهو في ختام جلسة عقدها، مع ممثلي ما يُسمى "منتدى غلاف القدس" اليميني الممثل لتيار المستوطنين الإسرائيليين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجلس الإقليمي لمستوطني "ماطيه بنيامين"، أول من أمس، بإخلاء البدو من التجمعات البدوية بالقرب من شارع رقم 1 في محيط مدينة القدس المحتلة وحتى البحر الميت شرقاً.
إلغاء الوجود
رئيس لجنة خدمات تجمع "جبل البابا" عطا الله جهالين يوضح أن الاحتلال سيبدأ تنفيذ القرار بدءًا بتجمع "جبل البابا" شرقي القدس، والذي تعرض لأكثر من 50 عملية هدم ومصادرة للأراضي منذ خمسة أعوام، منوها إلى أن قوات الاحتلال أعطت أهالي التجمع البدوي أوامر عسكرية تمنحهم مدة ثمانية أيام لمغادرة المنطقة.
وقال جهالين لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال يهدف بتهجير البدو الفلسطينيين من محيط القدس حتى البحر الميت، لربط المستوطنات الكبرى مع مدينة القدس"، لافتا إلى أن كل قرى شرقي القدس التي تضم 12 ألف نسمة هي امتداد طبيعي للمدينة، لذلك يحاول الاحتلال السيطرة عليها وضمها لمستوطنات "معاليه وكفار أدوميم"، بهدف إلغاء الوجد الفلسطيني حول القدس، ومحاصرة المقدسيين داخل المدينة المقدسة.
وتلاحق سلطات الاحتلال السكان الفلسطينيين البدو بمحيط القدس لطردهم وترحيلهم في إطار المشروع الاستيطاني "E1" الذي من شأنه أن يفصل مدينة القدس نهائيا وبشكل كامل عن امتدادها الفلسطيني.
وحول تداعيات القرار على سكان "جبل البابا"، بين جهالين أن الاحتلال سيعمل على تهجير 57 أسرة في التجمع مكونة من 300 فرد، يتوزعون على مساحة 2500 دونم، فضلا عن الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي، وربط مستوطنات إسرائيلية بالقدس، مما سيؤثر على ديمغرافية المدينة المقدسة بحيث يصبح الإسرائيليون أكثر من الفلسطينيين في ظل حملة تهجير المقدسيين من القدس.
وبين أن الاحتلال بدأ في تنفيذ القرار بالفعل في تجمع "جبل البابا" باعتباره يقع في منطقة E 1"" ، وشكل عائقا خلال الفترة الماضية أمام امتداد مستوطنة "معاليه أدوميم" تجاه القدس.
ويوجد في الضفة الغربية، وفق جهالين، نحو 43 تجمعا بدويا فلسطينيا موزعة على 60% من أراضي الضفة الغربية في منطقة "ج"، تعتبر سلة غذائية للضفة وامتدادا طبيعيا للقدس.
دور رسمي غائب
وأكد جهالين رفض أهالي التجمع أي حلول بديلة، أو نقلهم لأي مكان آخر، مشددا على ضرورة أن يكون هناك وقفة جادة من العالم والفلسطينيين لإفشال القرار، ورفعه إلى محكمة الجنايات الدولية.
وحذر جهالين من التقاعس الرسمي والشعبي في مواجهة مخططات الاحتلال تجاه التجمعات البدوية، التي تمهد لإغراق القدس بالمستوطنين ومصادرة الأراضي.
وبشأن اعتداءات الاحتلال على "جبل البابا"، أشار إلى أن الاحتلال وطيلة خمسة أعوام سابقة، كان يرهب السكان بهدم المنازل خاصة في فصل الشتاء، وإقامة جدار استيطاني يحيط بالتجمع له مدخل وحيد، مبينا أن التجمع كان يقاوم كل مرة، إلا أن الاحتلال قبل أربعة أشهر استطاع إخراج جميع الأهالي من المخيم ولكنهم عادوا لاحقا.
ولفت إلى أن أهالي التجمع البدو لم يصمتوا أمام سياسة الاحتلال وأقاموا حملة مناصرة عالمية وقع عليها مليون شخص حول العالم، ومع ذلك لم تأخذ القضية منحى سياسيا كبيرا يتناسق مع جهود الصمود المبذولة على الأرض.
امتداد استيطاني
من جانبه، يقول مدير مؤسسة دائرة الخرائط في مؤسسة "بيت الشرق" خليل التفكجي: إن مسألة تهجير البدو من محيط القدس هي مقدمة لتنفيذ مشروع القدس الكبرى وهو مشروع يقوم على نحو 10% من مساحة الضفة الغربية.
وأوضح التفكجي لصحيفة "فلسطين" أن هناك 10 تجمعات بدوية تمتد من القدس وحتى الأغوار، يهدف الاحتلال لتجميعهم في مناطق معينة بعد تهجيرهم من أراضيهم، وبالتالي السيطرة عليها، والقضاء بشكل كامل على ما نطلق عليه الاقتصاد الرعوي.
وبين أن الاحتلال يريد تنفيذ مشروع "5800" لعام 2050 بإقامة مطار وفنادق ومناطق صناعية، في المنطقة الممتدة من القدس وحتى الأغوار، لكن تواجد البدو في تلك التجمعات يمنع إقامة القدس الكبرى وتنفيذ تلك المخططات، لذلك يريد تطهير تلك المناطق من التواجد الفلسطيني.