فلسطين أون لاين

​نصائح لتجاوز المشكلة

البطالة في أعلى مستوياتها.. فماذا يفعل الشباب؟

...
غزة - هدى الدلو

وفق إحصائية صدرت مؤخرًا عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت نسبة البطالة في الربع الثالث من العام الجاري 2017، نسبة 29.2%، وهي أعلى نسبة منذ الربع الأول 2003، البالغة حينها 30.3%، أي أن البطالة في فلسطين ارتفعت لأعلى مستوى منذ 14 عامًا ونصف.

وبحسب الإحصائيات، بلغ عدد العاطلين عن العمل في فلسطين 412.8 ألف فردا، وأن نسبة البطالة لمن يحملون شهادات دبلوم فأكثر، تبلغ 37.9%، ويتوزع العاطلون عن العمل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بواقع 243.8 ألف فرد في القطاع، و169 ألفا في الضفة.

وأرجعت الإحصائية السبب في زيادة نسبة البطالة في القطاع عنها في الضفة، إلى تعرض القطاع لحصار إسرائيلي دخل عامه الحادي عشر، وتعرضه لثلاث حروب.

في ظل هذا الواقع الصعب، كيف يمكن للشاب أن يتفادى شبح البطالة؟ في التقرير التالي نسأل "الطبيب"، و "المجرّب" عن نصائح تعين الشباب على تجاوز الواقع..

الموهبة والوقت

الشابة لورا حماد العمراني من غزة، خريجة هندسة معمارية في الجامعة الإسلامية عام 2007، وعملت في مجال الهندسة والديكور لمدة سبعة أعوام في عدّة مكاتب هندسية متفرقة، لم تحصل فيها على حقوقها، فاضطرت للتفكير خارج الصندوق ليكون لها مشروع خاص بها.

وقالت لـ"فلسطين": "عند اختياري للتخصص الجامعي، اتجهت نحو من يساعدني في النهوض بموهبتي، وفي نفس الوقت ينقذني من الانتظار في طابور البطالة، وفقا لما رأيته من حال من سبقوني إلى التخرج".

وأضافت: "عندما قررت أن أنتقل للعمل الخاص، استندت إلى موهبتي في الرسم، وجعلتها أساس مشروعي".

بالإضافة إلى الاختيار الصحيح للتخصص الجامعي، والاعتماد على الموهبة في العمل الخاص، نصحت العمراني الشباب باستثمار الوقت بطريقة صحيحة، وطرق باب المشاريع الخاصة لأنها تقحم الشخص في سوق العمل وتساعده على تطوير نفسه ومهاراته ومواهبه، بينما قلة فرص العمل من شأنها أن تقتل الإبداع والمواهب، على حد قولها.

عمل له ولغيره

أما بدور شعشاعة، فكانت تسأل هي وأخواتها قبل التحاقهن بالجامعة عن التخصصات الدراسية المطلوبة في سوق العمل، ومع ذلك لم تجد أي منهن وظيفة ثابتة وفق تخصصها الجامعي، وبعضهن عملن لفترات متقطعة بعقود "بطالة".

وقالت لـ"فلسطين": "بعد تخرج الواحدة تلو الأخرى، وجدنا أنفسنا بشهادات جامعية دون وظيفة تتوّج تعب سنوات من السهر والتعب والدراسة، فلم ننتظر تلك الوظيفة لتدق بابنا، خاصة أنها قد لا تأتي، فاتفقنا على تطوير موهبتنا في التطريز، وشجّعنا على ذلك أن مشغولاتنا كانت تلقى إعجاب من حولنا".

أطلقت الأخوات الستة مشروعهن عام 2010، ومنذ ذلك الوقت أخذ بالتوسع، وانضمت إليه أيد عاملة أخرى.

وبينت شعشاعة أنه يجب على الخريج تجاوز شهادته الجامعية، وعدم انتظار وظيفة تدق باب بيته، بل التفكير خارج الصندوق، وتأسيس مشروع خاص وفق طاقاته الكامنة، سواء داخل إطار تخصصه أو خارجه، ليخلق لنفسه ولغيره فرص عمل.

الوظيفة المتوفرة

أما دعاء أبو القمصان، خريجة هندسة الحاسوب، فقد تغلبت على البطالة بطريقة أخرى، إذ قبلت بوظيفة بعيدة تماما عن دراستها.

قالت لـ"فلسطين": "لم أجد عملا وفق تخصصي الجامعي، فاضطرت للقبول بوظيفة سكرتيرة، في ظل ارتفاع أعداد الخريجين وزيادة نسبة البطالة في آن واحد".

وأكّدت أنها، رغم قبولها بوظيفة بعيدة عن تخصصها، إلا أنها تعمل على تطوير نفسها بشكل دائم ومستمر في مجالها، وتأمل أن تجد وظيفة بشهادتها، لأنه ذلك سيفتح لها بابًا من الإبداع والتميز بصورة أكبر، وفق حديثها.

التمويل موجود

ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور معين رجب: "إذا كانت البطالة على مستوى فلسطين وصلت أعلى مستوياتها منذ 14 عامًا ونصف، فإنها تبلغ نسبتها بين صفوف الشباب 50%، فهذه الفئة هي المتضرر الرئيسي، خاصة من خريجي الجامعات، لذلك لابد أن تولي الجهات الرسمية لها اهتماما كافيا ومعمقا، باعتبار أن الأزمة ليست طارئة، بل مزمنة".

وأضاف في حديثه لـ"فلسطين": "يجب على الشباب عدم الانتظار للحصول على وظيفة، فهذا الانتظار مضيعة للوقت، بل عليه التعرف على سوق العمل والانخراط فيه من خلال البحث عن الوظيفة المناسبة، وعبر مشاريع خاصة".

ونوه إلى أن وجود جهات تمويلية عديدة تعمل على إقراض العاطلين عن العمل في مجالات مختلفة ليؤسسوا أعمالا خاصة بهم، لافتا إلى أن "الأفضل أن يقوم على المشروع مجموعة من الشباب ليكون بينهم تعاون كافٍ، ولأن من الصعب على الشخص الواحد التواجد الدائم والمتواصل في المشروع".

وأوضح: "مجالات السوق واسعة للخريج، وهي متنوعة ولا حصر لها، والفرصة أمامه ليختار النشاط الذي يود القيام به، فلا أحد مجبر على القيام بعمل دون رضا، بل يمكنه أن يختار ما يناسبه ويوفر لنفسه فرصة نجاح كبيرة، مبينا: "عند اختيار أحد هذه المجالات للعمل فيها، لا بد أن تكون فكرة المشروع متناسبة مع قدرات الشخص".

وأكد على أهمية إجراء دراسة جدوى محدودة ومختصرة للمشروع قبل البدء به، ذلك لأن السوق فيه الكثير من الأمور التي لا يحيط بها الشباب، وإلى جانب ضرورة الاستعانة بالآخرين لزيادة فرص نجاح المشروع.

وأشار إلى أن: "أمام الشباب مهمة صعبة تحتاج إلى جهد كبير وعمل دؤوب، ومع ذلك توجد الكثير من قصص النجاح، لذا عليهم طرق كافة الأبواب وشق الطريق نحو سوق العمل، ففيه الحرية والحركة في العمل".

وبحسب رجب، فإن "فرص إيجاد الشباب لعمل متاحة طالما أن هناك جهدا كبيرا مبذولا من طرفهم، ولكن هذا لا يعفي الجهات المسئولة وخاصة الرسمية من دورها في عمل تسهيل الإجراءات اللازمة لتأسيس المشاريع الخاصة".

الحل السحري

ومن جهته، قال المختص في الشأن الاقتصادي الحسن بكر إنه في ظل ارتفاع نسب البطالة، فإن نسبة كبيرة من العاملين في قطاع غزة أجورهم متدنية ولا تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

أضاف: "الحل السحري للتغلب على البطالة موجود في أيدي الشباب، ويتمثل في ريادة الأعمال، والتفكير خارج الصندوق، وإطلاق المشاريع الخاصة، والعمل على تطويرها بشكل مستمر للوصول إلى مستوى جيد، وتوفير دخل مادي لصاحب المشروع، وتوفير فرص عمل لآخرين".

وتابع: "لابد أن يسعى الشاب خلال دراسته الجامعية العمل لتطوير مهاراته، وأن يستمر بالتطور بعد الدراسة أيضا، كما عليه أن يلجأ للعمل التطوعي من أجل التشبيك مع دوائر مجتمعية مختلفة، ولخلق دائرة تواصل وعلاقات مع المؤسسات".