فلسطين أون لاين

لتصنعي من طفلك قائدًا.. شاركيه نشاطاته في "الروضة"

...
غزة - أسماء صرصور

ليست السعادة فقط هي ما يحظى به الطفل حينما تشاركه والدته نشاطًا لا منهجي في الروضة، بل يمكن أن تكون هذه المشاركة وسيلة تسعى من خلالها الأم لتعليم طفلها مهارة ما، أو لتعديل سلوك خطأ لديه.

"فلسطين" تتحدث اليوم عن مشاركة الأم لطفلها في أنشطته في مرحلة الطفولة المبكرة في رياض الأطفال، وتنقل تجارب الأمهات مستندة لآراء المختصين في المجال التربوي والنفسي للطفل.

تعزيز الثقة

"مريم المخللاتي"، أمٌ لأربعة أطفال، سعت منذ التحاق أطفالها برياض الأطفال لمشاركتهم في عدد من الأنشطة الصفية اللامنهجية، وتقول عن تجربتها: "أسعى من خلال مشاركتي لتعزيز وجود أطفالي بين زملائهم في الفصل، وخلق جو من المحبة تجاههم، وإكسابهم مهارات القيادة والإدارة والتنظيم، وتنمية روح العطاء لديهم".

وتستعرض تجربة قامت بها قبل فترة وجيزة: "أتعاون مع أطفالي في خبز قطع كيك صغيرة تكفي لجميع زملائهم في الفصل، وأجهز علبة شوكولاتة وسكاكر ملونة"، منوهة إلى أنها تبدأ تطبيق هذه الأفكار عند بلوغ أطفالها سن الثالثة من العمر.

وتشرح المخللاتي أكثر: "أبدأ النشاط بتنشيط الطلبة بصحبة طفلي وتحفيزهم وسؤالهم عن مكونات الكيك، وأترك لطفلي المجال للحكم على إجابات زملائه إن كانت صحيحة أو لا، ثم أترك له المجال لإكمال المكونات الناقصة وشرح طريقة إعداد الكيك".

وتوضح: "ثم نبدأ بتزيين الكيك بأن يختار طفلي زملاءه واحدا واحدا، وأقوم أنا بدهن الشوكولاتة على الكيك، وهو يخيرهم بين أنواع السكاكر المتوافرة، بحيث يزيّن كل طفل قطعته بنفسه، ثم يتناولها"، مضيفة: "في ختام النشاط يزيّن طفلي مجموعة من قطع الكيك ويقدّمها لمعلّماته، وهو يشعر بالسعادة الغامرة".

أما "إيمان المشهراوي"، فتسعى في عمر الروضة لمحاولة إكساب طفلها مهارات التعاون والعمل الجماعي من خلال اللعب ومشاركته، ومهارة التفاوض لمحاولة إقناع الطفل برأي معين من خلال نشاط ما، والعمل على تقوية التواؤم والتناسق بين العضلات والحواس الخمس والعقل.

وتنوه إلى أنها تختار الأنشطة اللامنهجية وتكون غير مكلفة لتقوم بها مع طفلها كاستخدام الألوان المائية وطباعة الأيدي الملونة للأطفال على لوحات بيضاء، أو تركيب الخرز وصناعة الأساور والعقود.

وتشير إلى أن التنظيم الأولي للنشاط، على سبيل المثال نشاط الخرز، مسؤولية الأم، وفيه يختار كل طفل الألوان التي يريدها لتصميم سوار يقدّمه كهدية لمعلمته أو أمه أو أخته، مبينة أن هذا النشاط يساعد في تقوية عضلات العين والرؤية لاختيار الألوان، وعضلات الأصابع لصناعة السوار، وتعزيز نفسية الطفل بإنجازه فكرة هدية.

وتختم بقولها: "كل نشاط أسعى من خلاله لإكساب طفلي مهارة معينة، أو لتحييد سلوك خطأ لديه".

تقوي العلاقة

بدورها، تقول مديرة روضة وحضانة "يا هلا" مها نبهان إن الروضة تطلب من الأهالي في بعض الأحيان أنشطة مدعمة للمنهج لتعزيز ثقة الطفل بنفسه، ومشاركة الأهل كنوع من التواصل مع الروضة ومعرفة كل ما يجري فيها.

وتضيف لـ"فلسطين": "مثلا في وحدة الغذاء الصحي، نطلب من الأهالي مشاركتنا بنماذج عن الطعام الصحي لتشجيع الطفل بأن هذه الأغذية هي المفيدة له"، مبينة أن بعض الأمهات يبادرن بنشاطات خاصة فيهن كنوع من التعزيز لأطفالهن.

وتؤكد أن هذه الأنشطة اللامنهجية تقوّي علاقة الأهل بالروضة، وتساعد في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، ومشاركته لمعلمته في كل الأنشطة بكل سعادة، وتعزيز انتمائه للصف وتعاونه مع أصحابه.

لإبعاد الملل

من جانبه، يقول المختص في الإرشاد النفسي والمدرب في المهارات الحياتية علاء الربعي إن الأنشطة اللامنهجية من أفضل الأساليب التربوية الحديثة التي تُمنح للأطفال وتُحقق الفائدة لهم وتُنمي عندهم المهارات التي ترفع من كفاءتهم في الجوانب العلمية والاجتماعية وتحببهم في حياتهم ومستقبلهم.

ويضيف لـ"فلسطين" أنها تبعد عنهم الملل الذي يجدونه في أسلوب التلقين التقليدي عند تعلم أي مهارة أو تعديل سلوكِ ما، وتحفّزهم للمشاركة في الحياة الاجتماعية التي يجدها خارج أسوار البيت أو المدرسة، كما تساعدهم على تنمية مهارة التعلم الذاتي والتفكير في حل المشكلات وتنمي لديهم الاستقلالية.

ويبين: "أصبح النشاط اللامنهجي جزءاً من حياة الطفل في أغلب المدارس والمجتمعات، نظرا لأهمية تلك الأنشطة في صقل شخصية ومهارات الطفل وإعداده إعدادا سليما لانخراطه في المجتمع".

ويوضح الربعي أنه من فوائد هذه الأنشطة بناء الشخصية وتدريب الأطفال على المهارات الحياتية كالقيادة والتعاون، وبناء روح الفريق والتفاوض وزيادة مداركه ومعارفه وتجديد الحيوية لديه وتخلصه من الخجل والانطواء وضعف الثقة بالنفس والخوف.

ويشدد على أن كل ما تقدمه الأم في هذه المرحلة، وإن كان يتعبها، يختصر الكثير من المسافات في المشوار التربوي للطفل في مراحل لاحقة من حياته، وهي طريقة لغرس السلوك المطلوب بطريقة غير مباشرة.

ويقول: "أن تحرص أن يمتلك ابنك وابنتك مهارات عملية في الحياة، ويتقنها، أولى بكثير من أن تدفعه لأنشطة يستمتع بها فقط، فإتقان المهارات يعزز الثقة بالنفس".