فلسطين أون لاين

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

*{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللَّهِ الظُّنونا}* (الأحزاب: 10)

حين تشتد المحرقة على غزة، تتجسد الآيات في الواقع، مشهد أشد من أيام الخندق، حيث اختلط خوف حذيفة رضي الله عنه بصراخ الطائرات، وصوت الصواريخ التي تحطم العظام وتمزق الأجساد. الأرض تضيق بما رحبت، والقلوب تضيق حتى يظن المؤمنون بالله الظنون.
يئن أهل غزة بين ظلمات الجوع والعطش والمرض والدمار، لا منجي لهم إلا الدعاء المتوسل: "إني مغلوب فانصر" (القمر: 10). لكن بين الركام والدموع، يتسلل الأمل حارًا من صدور الصابرين، يقين لا ينكسر، نصر محتوم يصنعه الدم الطاهر للأطفال والنساء والرجال، وشباب اختاروا الشهادة عزًا، مؤمنين أن المعركة ميلاد عهد جديد.

{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} (يوسف: 110)
في محرقة غزة، تجسد المشهد أشد مما جرى يوم الخندق. زيادة المرض، والوباء، والتهجير، والنزوح، وصوت الصواريخ يسحق الأجساد. لا وحي يواسيهم، ولا عالم ينجدهم، حتى ضاقت الأرض بما رحبت وضاقت النفوس. هناك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا، وارتفع صوتهم بالرجاء والصدق: متى نصر الله؟
ليالي المحرقة وأيامها المظلمة، كانت مسكونة بالرعب والجوع والبرد والحرمان من أبسط مقومات الحياة. وكان على الناس أن يلهثوا للصمود، ويصارعوا قدرهم المحتوم {ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} (التوبة: 25) {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} (الأنعام: 125).

ورغم كل ذلك، بقي الأمل قائمًا في صدور الصابرين المحتسبين، يقين حتمي بنصر الله لا يتزحزح، نصر يتناسب مع حجم المشقة والمعاناة. فغزة اليوم ليست معركة عابرة، بل ميلاد حقبة جديدة، دماء طاهرة بريئة، وأرواح شباب أوقفوا حياتهم لله، مقاومة وشهادة.
{وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (الأنفال: 60)
{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ} (البقرة: 249)
هنا في غزة، القليل يغلب الكثير بإذن الله. هنا، الصبر تحول إلى وعد الفجر، والدعاء أصبح سلاحًا أقوى من الحديد والنار. هنا يولد النصر، رغم كل الجحيم، رغم كل ألم، رغم كل خسارة، لأن الله مع الصابرين، ومع من صمدوا رغم كل الظروف.