بعد 703 أيام من المحرقة على غزة، يكتشف الإسرائيليون أنهم يعيشون على أرض فلسطين بلا أمن، وبلا سلام، ويلا استقرار رغم كل الدعاية الصهيونية عن اتساع التطبيع مع دول عربية، وعن السلام الثابت والراسخ لبعض السفارات العربية في تل أبيب رغم مجازر غزة، وعن ادعاء الانتصار على جميع الجبهات السبعة المفتوحة على الصهاينة.
بعد 703 يوماً من حرب الإبادة، ومن عملية السيوف الحديدية، والقبضة الإلهية، ومركبات جدعون، وغضب الرب، وما شابه ذلك من تسميات مستوحاة من التوراة، يهدد وزير الحرب إسرائيل كاتس بأن سماء غزة ستلتهب بالنيران، وستتحرك الأبراج في غزة من شدة القصف، وكأن الصواريخ الإسرائيلية والطائرات الإسرائيلية كانت ترمي لعب أطفال على أهالي غزة طوال 703 يوماً من الإرهاب الصهيوني.
تصريح وزير الحرب الصهيوني جاء بعد مقتل 6 إسرائيليين في القدس، وإصابة عشرة آخرين جراء عملية مقاومة فلسطينية في القدس، وجاءت بعد مقتل أربعة جنود إسرائيليين داخل دباباتهم في جباليا شمال غزة، خلافاً للجرحى.
وجاءت بعد أن وصلت المسيرات العربية اليمنية إلى مطار رمون في النقب، وأصابت صالة الانتظار في سلسة من الأحداث المربكة للسياسة الإسرائيلية، والتي عجزت عن الفصل بين وجدان الضفة الغربية وما يجري على أرض غزة، والتي تشير دون أدنى شك إلى أن الجيش الإسرائيلي بكل إمكانياته ومقدراته ومخابراته وصواريخه ودباباته لم يحقق أي انتصار على أهل غزة.
ليعلن بعد 703 أيام عن بدء الحرب على غزة من جديد، وهذا أكبر دليل على فشل اعدائنا الإسرائيليين في تحقيق الانتصار الزائف، وفشلهم في استخلاص العبر من تجاربهم لأكثر من 77 سنة من أكذوبة تحقيق الأمن، ادعاء النصر على العرب نكبة 1948، وادعاء النصر عدوان 1956، وادعاء النصر عشية هزيمة الجيوش العربية 1967، وعشية التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بعد معركة 1973، وعشية خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وما لحق ذلك مع حروب ومعارك في لبنان وسوريا والضفة الغربية وإيران واليمن وفوق هذا وذاك، يأتي تواصل العدوان على العرب الفلسطينيين في غزة، دون أن تحقق العقلية العدوانية الإسرائيلية أهدافها.
غزة عبرت بدمائها وجراحها ونارها إلى القدس مع 6 من القتلى الصهاينة، وغزة وصلت بروحها المقاومة إلى اليمن وإيران ولبنان، ولن يستطيع الجيش الإسرائيلي ولا المخابرات الإسرائيلية أن يحول دون وصول صرخة غزة، وغضبها الثوري إلى الضفة الغربية التي تتقد على جمر الوطن.

