روى أحد عناصر الدفاع المدني في غزة لحظات مروعة عاشها أثناء محاولته إنقاذ عائلة فلسطينية استهدف الاحتلال شقتهم في عمارة أبوظبي، مؤكدًا أن المشهد كان من أبشع ما رآه في حياته.
يقول المسعف، في شهادةٍ نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي: "دخلنا الشقة التي كانت تلتهمها النيران، وإذا بي أسمع صوت أم مع ابنها وابنتها يصرخون ويستغيثون. كانت الأم تردد: (طلعونا.. احنا انحرقنا)، بينما كنا نحاول إطفاء الحريق وسط كثافة دخان خانقة، وبأدوات بسيطة لا تكفي لإنقاذ حياة".
ويضيف: "خلعت سترتي وبلوزتي وربطتها على وجهي لأقاوم الدخان وأحمي نفسي قليلاً، ثم اقتربت من الغرفة المشتعلة. سمعت الأم تصرخ: (أنا سُحت.. العظم ساح.. أولادي ما عاد لهم صوت). لم أتمالك نفسي وانهمرت دموعي، لكنني عدت وحاولت مجددًا".
تمكن العنصر وزميله من الوصول عبر نافذة داخلية إلى الغرفة، ليشاهدوا مشهدًا تقشعر له الأبدان: "الأم تزحف على الأرض تحاول الهرب، يداها متفحمتان والنار تحيط بها من كل جانب. كانت تبحث عن أي نجاة بعدما عجزت عن إنقاذ طفليها".
ويتابع: "استطعنا إخراج الطفل وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وانتشلنا شقيقته التي كانت متفحمة تمامًا. أما الأم، فكانت في حالة حرجة جدًا، وحين أمسكنا بيديها لنرفعها كان جلدها يتساقط من شدة الحروق".
تم نقل العائلة إلى سيارات الإسعاف، لكن المشهد، كما يقول المسعف، سيظل محفورًا في ذاكرته: "صرخات الأم وصوتها المستغيث لن يغادر مخيلتي. لو وُثقت هذه اللحظات لربما تحرك العالم النائم، لكننا كنا أمام مهمة أصعب من أي تصوير.. وهي محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
ويختم العنصر شهادته قائلاً: "نحن بشر لنا مشاعر وأحاسيس، لكن آلة الحرب الإسرائيلية لا ترحم أحدًا. الأم وأطفالها كانوا يبحثون عن الحياة، لكن النار والبطش لم يتركا لهم سوى الموت والمعاناة".
دخلت حرب الإبادة الجماعيَّة التي يشنُّها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة يومها الـ 700 أمعن خلالها في جرائم القتل والتدمير والتهجير والتجويع ضد الأهالي، ما أدى لارتقاء عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات ومقابر المجهولين وسجون الاحتلال تحت بند "الإخفاء القسري" عقب اختطافهم خلال الحرب البرية على القطاع.
وقالت وزارة الصحة، اليوم الجمعة، إنَّ 69 شهيدًا، و 422 إصابة وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية.
وضمن شهداء لقمة العيش: بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات 6 شهيدًا و 190 إصابة،
ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2,362 شهيدًا وأكثر من 17,434 إصابة.
وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 حتى اليوم 11,768 شهيدًا و 49,964 إصابة، لترتفع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 64,300 شهيدًا و 162,005 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.

