أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة، اليوم الثلاثاء، نقل جثامين 15 شهيدًا إضافيًا من ساحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تمهيدًا لإعادة دفنها في المقابر الرسمية.
وقال الدفاع المدني، في بيان صحافي، إن "طواقمنا بمحافظة غزة، نقلت لليوم الثاني على التوالي، جثامين 15 شهيدًا بينهم 4 مجهولي الهوية، الذين تم دفنهم سابقًا داخل ساحة المستشفى خلال حرب الإبادة".
وبذلك وصل، العدد الإجمالي للجثامين التي تم انتشالها منذ الأمس إلى 113 جثمانًا، وما زال هناك عدد من الجثامين المفقودة داخل أسوار المستشفى، حيث يجري العمل مع الجهات المختصة لانتشالها ونقلها.
ويوم أمس، شرعت طواقم الدفاع المدني في غزة، بنقل جثامين 98 شهيدًا من داخل مجمع الشفاء الطبي، بينهم 55 مجهولي الهوية، وذلك بعد أن كانوا مدفونين سابقًا داخل ساحات المستشفى نتيجة الظروف الطارئة خلال فترة الحرب.
وقالت الطواقم، في بيان صحافي، إنها سلّمت الجثامين للطب الشرعي والجهات المختصة تمهيدًا لاستكمال الإجراءات اللازمة، مؤكدة أن عشرات الجثامين ما تزال داخل المشفى وسيتم انتشالها على مراحل خلال الأيام المقبلة.
وفي السياق، قال مدير عام مجمع الشفاء الطبي في غزة، محمد أبو سلمية، إن طواقم العمل، وبمشاركة الجهات الرسمية كافة، انتشلت عددًا من جثامين الشهداء المدفونين في المقابر العشوائية داخل نطاق المجمع، وجرى نقلها إلى مقابر رسمية في مدينة دير البلح.
وأوضح أبو سلمية أن الحاجة باتت ملحّة لإخلاء هذه المقابر بشكل عاجل تمهيدًا للشروع في إعادة تأهيل مجمع الشفاء الطبي وإعادته للخدمة بشكل كامل.
وأشار إلى أن جزءًا كبيرًا من الجثامين التي جرى نقلها مجهولة الهوية، وقد عملت الطواقم المختصة على ترميزها وحفظ بياناتها تحسّبًا لإمكانية التعرف عليها مستقبلًا.
وأضاف أن الطواقم العاملة فوجئت بوجود قبور منتشرة على مسافات بعيدة داخل محيط المجمع وبأعداد فاقت التوقعات، مؤكدًا أن الأعمال ستُستكمل اليوم لإتمام عملية الإخلاء والنقل بشكل كامل.
وبالتزامن مع عمليات النقل، بدأت طواقم الدفاع المدني ووزارة الصحة إجراءات توثيق جثامين الشهداء المجهولين عبر منح كل جثمان رقمًا خاصًا وأخذ عيّنة بيولوجية تُحفظ في سجلات وزارة الصحة، بهدف التعرف على أصحابها مستقبلاً من خلال فحوص الحمض النووي، سواء عند توفر الأجهزة داخل القطاع أو عبر إرسال العينات للخارج.
وأكد الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل، أن هذه الخطوات تمثل المرحلة الأولية قبل نقل الجثامين إلى المقبرة المخصصة لمجهولي الهوية في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وأوضح بصل أن مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) يحتفظ داخل ساحاته بما لا يقل عن 50 جثمانًا دفنت خلال الفترة الماضية، من بينها 25 مجهولة الهوية، فيما نُقلت أمس 25 جثمانًا مجهول الهوية إلى مجمع الشفاء لإتاحة الفرصة للعائلات التي تبحث عن مفقوديها للتعرف عليهم قبل نقلهم إلى الدفن النهائي.
وأشار بصل إلى وجود خطة عمل مشتركة بين الدفاع المدني ووزارة الصحة والجهات المختصة لنقل الشهداء المدفونين في المقابر العشوائية وساحات المشافي إلى المقابر الرسمية، مشددًا على أن ملف الشهداء مجهولي الهوية سيبقى مفتوحًا حتى التعرف على آخر شهيد، ولو احتاج الأمر سنوات طويلة.
ولفت إلى أن نسبة مجهولي الهوية يصعب تحديدها حاليًا نظرًا لانتشار المقابر العشوائية ودفن الشهداء في الشوارع والساحات خلال القصف المكثف، في حين يواصل المواطنون تسليم الدفاع المدني بقايا رفات يعثرون عليها بين الأنقاض والطرقات بشكل يومي.
وبشأن توقيت العملية، قال الناطق باسم الدفاع المدني إن الهدف هو "إكرام الشهداء عبر دفنهم بشكل لائق في مقابر معروفة"، إضافة إلى تمكين المستشفيات من العمل بأريحية بعد أن أعاقت الجثامين المهملة قدرة الطواقم الطبية على التوسع في الخدمات العلاجية.
وأكد أن الظروف الأمنية السابقة أجبرت الأهالي على دفن ذويهم في أي مساحة متاحة، بما في ذلك ساحات المساجد والكنائس والمستشفيات، وهو ما خلّف أبعادًا نفسية قاسية لدى عائلات كثيرة لا تعلم حتى اليوم مكان دفن أبنائها.
وطالب بصل بضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة لتمكين العائلات من دفن شهدائها بشكل رسمي، إلى جانب توفير أجهزة فحص DNA داخل قطاع غزة لتسهيل عملية التعرف على الهويات بأسرع وقت ممكن، قائلًا إن مئات الشهداء قد يبقون مجهولين لفترات طويلة "في مشهد يشكل وصمة عار في وجه العالم".

