على مدار ما يقارب عامين، لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورًا يتجاوز الدعم التقليدي لإسرائيل، لتتحول إلى شريك كامل في تنفيذ الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
هذا الدور تجلى بوضوح من خلال ضخ الأسلحة المتطورة، وتوفير الغطاء السياسي في المحافل الدولية، وممارسة الفيتو المتكرر لعرقلة أي مساعٍ دولية لوقف العدوان، في ظل استمرار المجازر التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية في القطاع.
منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات عسكرية ضخمة تجاوزت 17.9 مليار دولار، وهي أكبر حزمة دعم خلال عام واحد في تاريخ التحالف بين الطرفين.
كما أنفقت واشنطن نحو 4.86 مليارات دولار على عمليات عسكرية في الشرق الأوسط مرتبطة بالحرب، ليصل الإجمالي إلى 22.76 مليار دولار.
هذه المساعدات تضمنت أنواعًا فتاكة من الأسلحة، بينها القنابل الخارقة للتحصينات زنة 2000 رطل، وآلاف قنابل MK-82 وMK-84، ومئات آلاف قذائف المدفعية من عيار 155 مم.
هذه الإمدادات العسكرية المستمرة تكشف أن ما يجري ليس مجرد تحالف، بل مشاركة فعلية في الحرب، فقد وفرت واشنطن القدرة النارية التي تسببت في تدمير الأحياء السكنية وقتل عشرات الآلاف من المدنيين في غزة.
إلى جانب السلاح، وفرت الولايات المتحدة حماية سياسية كاملة لإسرائيل، مستخدمة حق النقض عدة مرات لإسقاط قرارات دولية تدعو لوقف إطلاق النار أو للتحقيق في الجرائم المرتكبة.
كما تجاهلت إدارة بايدن تقارير رسمية من داخل وزارة الخارجية الأمريكية تشير إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. حتى على الصعيد الإقليمي، تقود واشنطن جهودًا لتشكيل واقع جديد بعد الحرب، من خلال اجتماعات مغلقة في البيت الأبيض بمشاركة شخصيات مثل جاريد كوشنر وتوني بلير، بهدف رسم ترتيبات ما بعد العدوان بشكل يضمن بقاء غزة والضفة تحت السيطرة الإسرائيلية.
واليوم تتحرك إسرائيل بدعم أمريكي لتنفيذ مخطط ضم الضفة الغربية.
الاستيطان يتمدد بسرعة، والأرض تُلتهم من الجبال إلى الأغوار، في ظل صمت أمريكي، بل وتواطؤ واضح.
الهدف النهائي هو إفراغ الضفة من الفلسطينيين وإنهاء أي مشروع سياسي وطني، تمامًا كما يحاول الاحتلال فرضه في غزة.
السلطة الفلسطينية التي راهنت لعقود على الوساطة الأمريكية لم تحصد سوى الخيبات.
منذ عام 2007 وحتى اليوم، قدمت السلطة خدمات أمنية وسياسية للاحتلال تحت إشراف واشنطن، لكنها لم تحصل إلا على امتيازات شكلية لبعض القيادات، في حين استمر المشروع الأمريكي الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية.
واشنطن لم تكن يومًا وسيطًا نزيهًا، ولن تكون.
هي شريك رئيس في الجريمة، وتتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية عن كل قطرة دم فلسطينية سالت. مواجهة هذا المشروع تتطلب إستراتيجية عربية وفلسطينية جديدة تقوم على فك الارتباط مع الوهم الأمريكي، وبناء تحالفات دولية بديلة تعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني، وتوقف الإبادة التي يمارسها الاحتلال في غزة، والتطهير في الضفة الغربية

