فلسطين أون لاين

سقوط مشروع الاحتلال في غزة

بأسرع مما توقعنا، قُتل مسؤول عصابة الاحتلال في غزة العميل ياسر أبو شباب، الشخصية التي ارتبط اسمها بمحاولة الاحتلال إنشاء نموذج محلي من المرتزقة يُستخدم كأداة لاختراق النسيج الوطني داخل غزة.

ورغم تعدد السيناريوهات حول كيفية نهايته—سواء على يد المقـ،ـاومة، أو عبر تدخل عشائري ووطني، أو من خلال تصفية داخلية من الاحتلال—إلا أن القاسم المشترك بينها هو فشل المشروع الإسرائيلي الذي حاول استثماره لبناء سلطة بديلة تحت يافطة “الحكم المحلي” بالقرب من الخط الأصفر.

لقد عمل الاحتلال خلال الشهور الماضية على صناعة نموذج أمني–اجتماعي قائم على أشخاص مرتبطين به، يمارسون دورًا موازياً في السيطرة على مناطق بطريقة تمهّد لتقسيم القطاع فعليًا.

وكان أبو شباب الحلقة الأهم في هذا المشروع، حيث شكّل واجهة لمجموعة حاولت تنفيذ عمليات تهجير وخدمة خطة الاحتلال في خلق “مناطق للاحتلال ” خالية من القوى الوطنية.

لكن النهاية السريعة لهذا النموذج كشفت هشاشة المشروع منذ بدايته.

فقد فشل الاحتلال في إيجاد أي بيئة شعبية حاضنة أو داعمة، كما واجه رفضًا جماعيًا من العائلات والفعاليات الوطنية، التي رفضت بصورة قاطعة تحويل غزة إلى مناطق تتحكم فيها ميليشيات مرتبطة بالاحتلال.

وفي الوقت نفسه، كانت المقاومة قادرة على رصد، ومتابعة، وتفكيك أي بنية يمكن أن تشكل تهديدًا للأمن الوطني أو تُستخدم كأداة تتجاوز الإرادة الفلسطينية.

وتعيد نهاية أبو شباب التذكير بقاعدة تاريخية ثابتة في السياق الفلسطيني: من يرتبط بالاحتلال، أمنيًا أو سياسيًا، يُستعمل كأداة مؤقتة، ثم يُرمى جانبًا بمجرد انتهاء دوره.

فالخيانة لا تصنع نفوذًا حقيقيًا، ولا تضمن حماية، بل أول من ينتهي ومشروعه في خدمة الاحتلال، كما حدث مع نماذج مشابهة في محطات مختلفة من التاريخ الفلسطيني.

إن سقوط هذا المشروع قبل أن يكتمل يحمل رسالة سياسية واضحة: غزة ليست أرضًا قابلة للتقسيم، ولا بيئة مناسبة لخلق سلطات بديلة، ولا مجتمعًا يسمح بتحويل نفسه إلى “مربعات أمنية” يديرها الاحتلال عبر وكلاء.

لقد أراد الاحتلال صنع نموذج يفتخر به، لكنه انتهى بنموذج معكوس يكشف حجم فشله، وقوة الإرادة الوطنية الرافضة لأي اختراق.

وبذلك، فإن نهاية أبو شباب لا تمثل نهاية شخص فقط، بل نهاية مسار كامل حاول الاحتلال فرضه، فسقط تحت ضغط المجتمع والمقاومة، قبل أن يحقق أي من أهدافه.

المصدر / فلسطين أون لاين