تشهد غزة تطورًا صحيًا خطيرًا بعد إعلان وزارة الصحة عن وصول أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى المستشفيات والنقاط الطبية خلال الأيام الماضية، وهم يعانون من أعراض مرض غامض لم تُعرف طبيعته بعد.
ويأتي هذا التطور في ظل انهيار المنظومة الصحية ونقص حاد في الإمكانيات الطبية اللازمة لتشخيص الحالات، الأمر الذي يفاقم معاناة السكان في قطاع يعيش تحت الحصار وآلة الحرب الإسرائيلية منذ أكثر من عشرة أشهر.
مدير عام وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، أكد أن الأعراض التي رُصدت تشمل ارتفاع درجات الحرارة، آلام المفاصل، السعال، سيلان الأنف والإسهال، مشيرًا إلى أن الطواقم الطبية عاجزة عن تحديد طبيعة المرض بسبب غياب أبسط أدوات الفحص المخبري.
وقال البرش: "رغم أننا في القرن الحادي والعشرين، إلا أن غزة لا تتوفر فيها أبسط الإمكانيات الطبية لتشخيص هذا المرض، نحن نمارس الطب بوسائل بدائية، نستخدم الطوب لتثبيت الأرجل المكسورة، ونُجري العمليات الجراحية تحت إضاءة الهواتف المحمولة، أما التنفس الصناعي فيتم يدوياً عند انقطاع الكهرباء بسبب نفاد الوقود"، موضحًا أن هذه الظروف تعكس حجم المأساة الصحية التي يعيشها القطاع.
وأضاف البرش أن العالم يقف صامتًا أمام ما يجري في غزة، بينما يواصل الاحتلال سياساته التي تستهدف القطاعات الحيوية والعاملين في المجال الإنساني، في إطار إبادة جماعية تتضمن القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، بدعم أمريكي، متجاهلاً جميع النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات.
من جهته، حذر مدير مجمع الشفاء الطبي، الدكتور محمد أبو سلمية، يوم الخميس، من تفشٍّ سريع لهذا الفيروس المجهول، خصوصًا في مراكز الإيواء المكتظة بالنازحين.
وقال أبو سلمية إن الأعراض التي رُصدت لدى المصابين أكثر خطورة مما كان يُعتقد في البداية، وتشمل ارتفاعًا حادًا في الحرارة، آلامًا شديدة في المفاصل، سعالاً وسيلاناً أنفياً، إضافة إلى إسهال حاد يستمر لأكثر من أسبوع، مبينًا أن الأطفال وكبار السن هم الفئة الأكثر عرضة للمضاعفات.
ووفق تقديرات أولية، فإن آلاف الإصابات سُجلت بالفعل، بينما يبقى من الصعب تحديد الأعداد الحقيقية بسبب الاكتظاظ الكبير داخل مراكز النزوح والخيام.
وأرجع أبو سلمية الانتشار المتسارع للفيروس إلى ضعف المناعة الناجم عن سوء التغذية ونقص الغذاء الصحي، إضافة إلى التدهور البيئي، وانعدام المياه الصالحة للشرب، وغياب مواد التنظيف والتعقيم، إلى جانب الاكتظاظ الشديد للنازحين في مساحات ضيقة، وهو ما وفر بيئة مثالية لتفشي الأمراض.
وأشار أبو سلمية إلى أن هذا الفيروس المجهول يضع عبئًا هائلًا على منظومة صحية منهكة تعاني أصلًا من نقص الكوادر الطبية والأدوية والمعدات، موجهاً نداء عاجلاً إلى منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية للتدخل الفوري عبر توفير أدوات التشخيص اللازمة ووضع بروتوكولات علاجية عاجلة.
وحذر من أن استمرار الوضع على ما هو عليه دون تدخل دولي سريع قد يقود إلى كارثة صحية غير مسبوقة تضيف فصلاً جديداً إلى المأساة الإنسانية في غزة.
ويشهد قطاع غزة، تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية والحصار الخانق الذي يُقيّد وصول المساعدات الإنسانية، كارثة إنسانية، مع انتشار الجوع ونقص المياه والأدوية والمستلزمات الطبية ولوازم النظافة.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية بغزة، يتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف القطاعات الحيوية والعاملين في المجال الإنساني، من مستشفيات وطواقم طبية وصحفية ورجال دفاع مدني، رغم المطالبات الحقوقية الدولية والأوروبية المتكررة بتحييدهم.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة 62 ألفا و966 شهيدًا، و159 ألفا و266 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 317 فلسطينيا بينهم 121 طفلا.

