*"عَسَى الله أَن يَأتِيَ بالفتح أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ فَيَصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نادِمِينَ"* (يوسف: 52)
*ملحمة غزة*
غزة اليوم ليست مجرد مدينة، بل صخرة تتحدى جبروت الاحتلال وعرباته المعروفة بـ"جدعون2"، التي تهدف إلى التهجير والإبادة والتطهير العرقي. هذا العدوان ليس عبثًا عابرًا، بل حلقة جديدة في مشروع إبادة ممنهج، يعكس عنجهية نتنياهو وتطرفه، الذي يضحّي بأسراه وبقوانين العالم لأهدافه الشخصية.
لكن في قلب هذا الظلام، يقف شعب غزة صامدًا، مؤمنًا بأن الصمود هو الجدار الذي يحمي الأرض، والدرع الذي يحفظ الإنسانية، مستندًا إلى وعد الله: "إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني" (المائدة: 105)، و"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض" (القصص: 5).
في مواجهة آلة القتل، يصبح كل مؤامرة للعدو فخًا يوقعه في مأزقه، ويثبت أن الله مع الصابرين والمستضعفين: "سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين" (يوسف: 76). غزة اليوم هي اختبار لصبر أهلها الأسطوري، وصمودهم رسالة للعالم: الأرض لا تُسترد إلا بالثبات، والمحنة فرصة لتأكيد الهوية وكشف جبروت المعتدي.
الحرب ليست فقط بالرصاص والآليات، بل على النفوس والعقول، حيث يسعى الاحتلال لزرع الفتنة وكسر الثقة. لكن غزة توحد صفوفها، وتوحد خطابها السياسي والإعلامي، وتشغل منابر الشباب والمجتمع، وتطلق حملات التوثيق، وتبني لجانًا للمراقبة والدعم النفسي، لتكون الجبهة الداخلية درعًا حاميًا للصمود والمقاومة.
المقاومة، من خانيونس إلى كل ركام غزة، ضربت صفعة قوية للاحتلال، مؤكدة أن أي اجتياح شامل سيكون مغامرة مستحيلة، مستندة إلى تكتيكات الاستطلاع والتحرك السريع، وضرب تجمعات العدو، وحرب العصابات لإضعافه نفسيًا وميدانيًا: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين" (البقرة: 249).
غزة ليست مجرد معركة، بل ملحمة هوية ووجود، تكشف زيف العالم وخذلان العرب، وتؤكد أن الصمود الفلسطيني هو الطريق لاستعادة الكرامة، واستثمار التحولات الإقليمية والدولية، وتعزيز الوحدة الوطنية.
في غزة العزة، حيث صمود الأبطال ووجوه الأرض الطاهرة، نجد أن كل مؤامرة، وكل آلة إبادة، وكل كيدٍ يحيكها الظالمون، ما هي إلا فخٌ ينتظر مصيرهم المحتوم. غزة الصابرة، التي تقف صخرةً في وجه طوفان العدوان، تعيش معنى: "عَسَى الله أَن يَأتِيَ بالفتح أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ فَيَصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نادِمِينَ" (يوسف: 52).
صبرها وثباتها جدار يحمي الأرض، وعزمها ووعيها سيف يقطع أوهام المعتدين. كل خطوة ثابتة، وكل صرخة حق، وكل دمعة على الأرض الطاهرة، إعلان بأن الله مع الصابرين، وأن النصر قريب مهما طال الليل. هنا، لم يعد الخوف مكانًا، بل أصبح الإيمان قوة، والصلابة درعًا، والحق سلاحًا، لتشرق الشمس على معتدين نادمين، ولتظل غزة الجسر لا الممر، والسد لا الثغرة، وشرارة كل مشروع تحرير وملحمة خلود للكرامة والوجود.

