فلسطين أون لاين

زاوية جروح النزوح

الجرح السابع والعشرون: أنس الشريف.. الصوت الذي أزعج إسرائيل

لكل نبي رسالة، ولكل ميدان رجال، ولكل زمان نجوم، وفي كل شعب شجعان يحملون أرواحهم على أكفهم لا يهمهم من عاداهم ولا يضرهم من خذلهم، لا يبالون بقلة الزاد أو كثرة الأعداء والحُساد.

أُسدل الستار عن الزمنِ الذي لعب فيه" المغضوب عليهم" في عقول "الضالين"، لإخافتهم من المسلمين؛ لأن كاميرات ثلة مؤمنة بربها وبعدالة قضيتها كشفت حقد "المغضوب عليهم" على كل من يخالفهم ويقاومهم ويقول لهم "لا".

في غزة حيث التنفيذ الفعلي لمبادئ الحقد الصهيوني الذي لا يميز بين حجر وبشر وشجر، وبين الأنام والأنعام، بين كبيرٍ وصغيرٍ ورجلٍ وامرأةٍ وطاعنٍ في السن، فكل من في غزة "أهداف تنتظر التنفيذ".

وأمام حرارة مشهد الإجرام الصهيوني ضد أهل غزة، وبرودة التعاطي الإعلامي العربي والدولي، وتلبية لنداء الوطن والواجب، تقدم مجموعة من شباب غزة لنقل معاناة شعبهم، فتقدموا وقدموا كل ما يملكون، لم يكن التقدم الأمر سهلاً ومجاناً؛ لأنهم يدركون أن المعادل الموضوعي لكشف الجرائم ونقل معاناة الناس هو الاغتيال.

 لم يعتذر صحفيو غزة وما رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وما قالوا "سمعنا وعصينا"، أو" إن بيوتنا عورة "، بل قالوا بكل حب " سمعنا وأطعنا"، قدموا أرواحهم من أجل الحقيقة، فضحوا جرائم العدو على الملأ، حتى كفر بهم هذا الملأ، فما كان من "المغضوب عليهم" إلا أن تنادوا مصبحين على قتل من كشفهم، فكانوا على رأس قائمة الاستهداف، حيث إن عدد من قتلهم الاحتلال من العاملين في الحقل الإعلامي منذ بدء العدوان أكتوبر2023 زاد على 270 صحفيا.

أحدث جرائم القتل الصهيونية كان اغتيال الصحفي أنس الشريف ورفاقه من طاقم قناة الجزيرة، الذين ما برحوا الميدان منذ بدء العدوان، فودعوا منازلهم وأهليهم، وتواعدوا على اللقاء، إما بعد الحرب، أو في جنة النعيم، جاعوا وعطشوا كما الناس، فاستمروا في كشف الإجرام، تنقلوا بين ركام الموت في غزة، ينقلون معاناة الناس، ويكشفون للعالم حقيقة الدولة التي تدعي ولا تزال أنها حمامة السلام.

تعرض أنس ورفاقه لحملات تشويه ممنهجة من العدو، وتلقوا تهديدات بالاغتيال، فلم يزدهم ذلك إلا إيماناً وتسليماً بسلامة المنهج الذي يسيرون عليه. عاش أنس ورفاقه مُطارَدِين من قذائف الموت، ومُطارِدِين جرائم الاحتلال، وناشرين لمعاناة الناس من بين ركام بيوت غزة المدمرة، حتى كان موعد الرحيل إلى جنان الله ولسان حاله يقول: "سأرقب نصركم بجوار ربي فقد أكملت مهمتي".

 نشهد يا أنس أنك ورفاقك أديتم الرسالة بكل أمانة على أكمل وجه حتى أتاكم اليقين، وكنتم نعم رجال الميدان، وأشرف نجوم الزمان، وأشجع من حمل اللواء.

يكفيك فخرا يا أنس أن كان لك من اسمك نصيب، فكم من الناس أنس بك ورثاك؛ لأنه لمس بحديثك صدق الانتماء لشعبك ووطنك وحرصك على نقل المعاناة، ويكفيك شرفاً أن اسمك ورفاقك سيسجلون في التاريخ، أن من قتل الأنبياء هم الذين قتلوكم، فهم ليس جديداً عليهم قتل الصحابة والأنبياء والشرفاء والأبرياء وأصحاب الرسائل الإنسانية والوطنية.

لروحكم يا أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإسماعيل الغول، ومحمد نوفل، وإبراهيم الظاهر، السلام، واعلموا أن قوافل الشهداء لا تمضى سدى، إن الذي يمضي هو الطغيان. رحلت أجسادكم لكن مبادئكم لم تمت، ولن تموت، فالرفاق على الطريق يواصلون المسيرة، وعلى العدو أن يعلم أن اغتيال الحناجر لا يطفئ جذوة الحق في الضمائر.

المصدر / فلسطين أون لاين