في مقال رأي نشره على موقع صحيفة "معاريف" العبرية، وصف اللواء الاحتياط إسحاق بريك وحدة المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها تحولت إلى "مصنع أوهام" يروّج الأكاذيب بدلاً من نقل الحقيقة، محذرًا من تداعيات خطيرة على الأمن القومي الإسرائيلي.
وأشار بريك إلى أن هذه الوحدة، التي أُنشئت أساسًا لتعزيز ثقة الجمهور بالجيش وتدعيم شرعية عملياته، أصبحت أداة دعاية ممنهجة تسوّق "صورة كاذبة" عن قوة الجيش وتقدّمه الميداني. وأضاف: "ما يُبثّ للجمهور من انتصارات وهمية هو في الحقيقة تغطية على فشل استخباراتي وعسكري، بلغ ذروته في 7 أكتوبر 2023، واستمر في الحرب الدائرة على غزة بلا أفق حقيقي للنصر."
وأكد بريك أن الجيش لم يعد يكتفي بخداع الجمهور، بل أصبح ضحية تضليله الإعلامي، حيث يعتمد قادته على تقارير "مُضلَّلة" صادرة عن وحدة المتحدث لاتخاذ قرارات مصيرية.
واعتبر أن هذه الفجوة بين الخطاب الإعلامي والواقع الميداني تعمّقت خلال الحرب على غزة، إذ في حين تحدثت البيانات الرسمية عن "سيطرة تامة" و"سحق حماس"، أظهرت إفادات الجنود على الأرض عكس ذلك: جيش مرهق، انتشار محدود، وعدو يحارب من باطن الأرض عبر شبكة أنفاق ما زالت تعمل بكفاءة.
وأوضح بريك أن "إسرائيل زعمت تدمير آلاف المقاتلين والأنفاق"، لكن الاعترافات الأخيرة من داخل المؤسسة العسكرية تُظهر أن 80% من أنفاق حماس لا تزال قائمة، بما فيها الأنفاق الممتدة من سيناء، والتي سبق أن أعلن الجيش عن تدميرها.
اتهم بريك رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير بتغليب الاعتبارات السياسية على المهنية العسكرية، وبتقديم صورة مزيّفة عن الوضع في غزة، قائلاً إن "الجيش يفتقر اليوم للجاهزية الحقيقية لأي مواجهة إقليمية، سواء على الجبهة الشمالية أو في مواجهة الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية". ولفت إلى أن القوات البرية منهكة، والاحتياط مستنزف، ما يضع إسرائيل أمام مأزق أمني غير مسبوق.
وشدد بريك على أن الحل الجذري يكمن في "تفكيك وحدة المتحدث باسم الجيش وبنائها من الصفر، لتكون قائمة على الشفافية والصدق، لا على تلميع الصورة وتزييف الواقع". واعتبر أن لا حاجة لمئات الضباط والمجندين، بل لفريق صغير مهني يعمل وفق "أخلاقيات جيش الدفاع"، ويقدّم الحقيقة فقط دون اعتبارات دعائية أو سياسية.
واختتم مقاله بالدعوة إلى وقف الحرب في غزة مقابل صفقة شاملة للإفراج عن الأسرى، والتفرغ لإعادة تأهيل الجيش اقتصاديًا ومعنويًا وتسليحيًا، مؤكدًا أن "الاستمرار في خداع الذات، ليس فقط فشلًا أخلاقيًا، بل وصفة مؤكدة لكارثة مقبلة".