أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن أسفه، لاستمرار السلطة الفلسطينية في فرض "إجراءات عقابية" على قطاع غزة، وطالبها بتجنيب المواطنين "التجاذبات السياسية".
وقال الباحث القانوني في المرصد، محمد صيام: "نعبر عن أسفنا للقرارات الأخيرة التي قامت بها السلطة الفلسطينية"، مؤكدا وجوب "تجنيب الحالة الإنسانية من كهرباء ورواتب ووقود التجاذبات السياسية، كون هذه مستلزمات أساسية نصت عليها أبسط المواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وأوضح في حديث لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن المرصد طالب السلطة الفلسطينية غير مرة بتحييد القطاعات الإنسانية، والعمل على وحدة الصف الفلسطيني وتوحيد الخطاب الإنساني والقانوني لإفشال مخططات سلطات الاحتلال.
وبيَّن صيام، أن توحيد الخطاب الفلسطيني "له تأثير كبير في مواجهة الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كونه المستفيد الأول من تلك الإجراءات بشكل مباشر وغير مباشر".
وفاقمت إجراءات السلطة، التي طالت قطاعات حيوية كالكهرباء والصحة، معاناة المواطنين الناجمة عن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو 11 سنة على قطاع غزة، والذي تخللته ثلاث حروب عدوانية شنها الاحتلال بين 2008 و2014.
ومنذ مارس/آذار الماضي خصمت السلطة من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، ما يتراوح بين 30% و70%.
أزمات متراكبة
وفصل صيام بشأن إثر تلك الإجراءات على القطاع الصحي، بالقول: إن أكثر من 45% من الأدوية الأساسية رصيدها صفر، و75% من الأدوية الخاصة بمرضى السرطان مفقود، فضلًا عن صعوبة تحويلهم للعلاج في الخارج "بسبب تعنت سلطات الاحتلال في إصدار التصاريح الخاصة بهم".
وذكر الاحتلال يمنع شهرياً ما بين 12 إلى 20 من تلقي الخدمات الصحية في الخارج.
ونوه إلى تأثير أزمة الكهرباء على المستشفيات التي بحاجة إلى 400 ألف لتر شهريًا من السولار الصناعي، لتتمكن من تشغيل المولدات البديلة.
وأشار صيام إلى "الكوارث الإنسانية" التي تسبب بها انقطاع التيار الكهربائي لاضطرار الغزيين لاستخدام وسائل إنارة بديلة كالشموع، إضافة إلى تأثيرها على الواقع البيئي، حيث بات شاطئ بحر غزة ملوث بنسبة 70%، منبهاً إلى تسجيل حالة وفاة لطفل بعد أن قام بالسباحة بمياه البحر الملوثة.
وأضاف الباحث في المرصد "الأورومتوسطي"، أن الأزمة أضرت بالثروة السمكية بسبب عزوف المواطنين عن شراء الأسماك التي يتم اصطيادها قرب الشاطئ.
أما على الصعيد التجاري والصناعي، فأوضح صيام، أن أكثر من 45% من المصانع لا تزال مدمرة بفعل عدوان الاحتلال على غزة صيف 2014.
وأشار إلى أن أزمة المعابر لا تزال تعصف بعشرات الآلاف من المواطنين، لافتاً إلى أن 100 ألف شخص بحاجة إلى السفر عبر معبر رفح البري في واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية والقانونية خلال العامين الأخيرين.
وتمم الباحث القانوني قوله، بأن سلطات الاحتلال ترفض سفر قرابة 90% من الغزيين عبر معبر بيت حانون "إيرز"، شمال القطاع، بذرائع أمنية.
وكان رئيس السلطة محمود عباس ومسؤولون آخرين، رهنوا إنهاء الإجراءات العقابية بحل حركة حماس للجنة الإدارية.
واستجابت "حماس" لطلب السلطة في 17 أيلول/ سبتمبر الماضي، ووقعت مع حركة فتح في 12 تشرين الأول/ أكتوبر اتفاقًا جديداً للمصالحة برعاية مصرية، نص على تمكين الحكومة الفلسطينية بتسلمها المعابر والحدود والوزارات، إلا أن كل ذلك لم يثنِ السلطة عن مواصلة عقاب مليوني إنساني في قطاع غزة.