فلسطين أون لاين

نعيش أصعب أيامنا مع استمرار الحرب والحصار

سمُّور لـ "فلسطين": نقص الأدوية يحصد أرواح الأطفال ونضطرُّ إلى بدائل مؤلمة

...
سمُّور لـ "فلسطين": نقص الأدوية يحصد أرواح الأطفال ونضطرُّ إلى بدائل مؤلمة
غزة/ جمال محمد:

"نعيش أصعب أيامنا مع استمرار الحرب والحصار، وكل يوم جديد يمرّ دون أدوية أو حليب علاجي هو حكم بالإعدام على طفل آخر"، بهذه الكلمات بدأت مسؤولة مستودع الأدوية والتحاليل في مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال في غزة د. ريم سمور، حديثها عن الكارثة الصحية التي يعيشها قطاع غزة.

وأكدت سمور، لصحيفة "فلسطين" أن مستشفى الرنتيسي، الوحيد المتخصص في علاج الأطفال في مدينة غزة وشمال القطاع، بات يعمل بأقل من الحد الأدنى من الإمكانيات، وسط عجز شبه تام عن توفير العلاجات الأساسية، خاصة للفئات الأشد ضعفًا من الأطفال، وعلى رأسهم مرضى السكري، والأورام، وسوء التغذية، والفشل الكلوي.

أرفف فارغة

وأشارت سمور، إلى أن أكثر ما يُقلق الطواقم الطبية في هذه المرحلة هو غياب أدوية الأمراض المزمنة، والتي يحتاجها الأطفال شهريًا، موضحة أن "مرضى السكري فقدوا حصتهم من أقلام الإنسولين، ونُضطر لإعطائهم الإبر التي تُستخدم عادة مع كبار السن، إن وُجدت، وهي متعبة جدًا لأجسامهم الصغيرة".

وتضيف مسؤولة مستودع الأدوية: "أطفالنا يعانون بصمت، ونحن نقف عاجزين أمام احتياجات لا يمكن تغطيتها بأي بديل حقيقي".

ولم تكن أدوية السكري وحدها التي اختفت من أرفف المستودعات، بل امتد النقص إلى الحليب العلاجي المخصص للأطفال المصابين بسوء تغذية أو أمراض عصبية، كمرضى الشلل الدماغي.

وتقول سمور: "لا نجد الحليب العلاجي في معظم الأيام، ونتّجه إلى بدائل أقل فعالية، لكنها لا تغني عن العلاج الحقيقي، ما يؤدي إلى تدهور في صحة الأطفال".

هذا التدهور لا يمرّ دون نتائج مأساوية، إذ سجل المستشفى عددًا من الوفيات في صفوف الأطفال بسبب نقص الأدوية أو التأخر في الحصول على الرعاية اللازمة، بحسب سمور، التي ذكرت أن "بعض الحالات تفقد حياتها ونحن نبحث عن جرعة مفقودة أو نوع حليب غير متوفر، الأمر أكبر من قدرة أي طاقم طبي على الاحتمال".

حلول قاسية

وأشارت، إلى أنهم يتواصلون بشكل مستمر مع الجهات المعنية التي تتلقى طلبات يومية من المستشفى لتوفير الاحتياجات الأساسية، لكن الرد "لا توجد بسبب الحرب"، المستمرة منذ 20 شهرا.

ومن هنا، تتحول المسؤولية إلى ذوي المرضى، الذين يُطلب منهم أحيانًا محاولة تأمين الأدوية أو المستلزمات من السوق المحلي – إن توفرت – وفي حال التعذّر، يجري البحث عن بدائل أقل فعالية تحمل كثيرًا من المجازفة، بحسب مسؤولة مستودعات الأدوية.

وتضيف سمور: "نُضطر أن نبتكر حلولاً قاسية، نحاول أن ننقذ حياة طفل بجرعة نصف مناسبة أو بجهاز غير مخصص له، وهذه بيئة طبية محفوفة بالخطر".

وتتابع: الوضع لا يقتصر فقط على النقص الدوائي، بل يمتد إلى نقص في الأنابيب الخاصة بالغسيل الكلوي للأطفال، مما يعيق الجلسات الحيوية التي يتوقف عليها بقاء الكثيرين منهم على قيد الحياة.

كما يفتقر المستشفى، وفق سمور، إلى الحفاضات الأساسية والرعاية الغذائية اللازمة، خاصة للرضّع وحديثي الولادة الذين باتوا محتجزين داخل المستشفى لعدم توفر حليبهم العلاجي خارجه.

وتتابع: "لدينا أطفال لا نستطيع تسريحهم إلى بيوتهم لأنهم ببساطة لن يجدوا ما يطيل أعمارهم هناك، فالحصار لا يُفرّق بين طفل ومريض وطبيب".

ولا تُخفي، أن الطواقم الطبية نفسها باتت جزءًا من الأزمة، حيث يعمل الأطباء والممرضون في ظروف بالغة القسوة، قائلة: "نُعاني من الجوع وسوء التغذية، لكننا نواصل العمل، لا أحد منّا يستطيع أن يغادر مكانه أو يتخلّى عن طفل ينتظر العلاج".

ورغم الأوضاع الإنسانية الكارثية، لا تزال مستشفى الرنتيسي يستقبل نحو 200 حالة مرضية يوميًا، ويضم نحو 80 طفلًا منوّمًا، كثير منهم يعانون من حالات مزمنة أو أورام، وهو المستشفى الوحيد الباقي الذي يقدّم هذه الخدمة بعد تدمير مستشفيات مدينة غزة وشمال القطاع من قبل جيش الاحتلال خلال الحرب المستمرة على القطاع.

وتختم سمور، حديثها بنداء إنساني عاجل: "نحن لا نطلب إلا ما يحمي أرواح الأطفال – دواء، حليب علاجي، أنابيب غسيل كلوي، كل يوم تأخير في إدخال هذه الاحتياجات هو تهديد مباشر لحياة مئات الأطفال، وإذا لم تُفتح المعابر ويدخل الدواء فورًا، فسنخسر المزيد من الأطفال كان يمكن إنقاذهم بجرعة دواء بسيطة".

المصدر / فلسطين أون لاين