على سرير داخل قسم الجراحة في مجمع ناصر الطبي، يرقد الجريح محمد أبو موسى، في انتظار وحدات دم تنقذ حياته بعد أن فقد كميات كبيرة من الدماء نتيجة إصابته بشظايا صاروخ أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي، استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.
ويُهدد عدم توافر وحدات الدم حياة الجريح أبو موسى، إذ حذر الأطباء من احتمال استشهاده في أي لحظة، ما لم يُزوَّد بالدم الذي يحتاج إليه بشدة، ليس فقط لتعويض ما فقده، بل أيضًا لتمكينه من دخول غرفة العمليات وإجراء تدخل جراحي عاجل.
وفي حديث لصحيفة "فلسطين"، قال أحمد أبو موسى، والد الجريح: "أطلقنا مناشدة عاجلة إلى أفراد عائلتنا للتبرع بالدم، لكن عند وصولهم إلى المختبر، تبيّن أن أجسادهم ضعيفة وغير صالحة للتبرع بسبب سوء التغذية المزمن، ولم يتمكن الأطباء من سحب أي وحدة منهم".
وأضاف بحرقة: "ابني في حالة حرجة، وهو بحاجة ماسة إلى دخول غرفة العمليات، ولكن دون توفر وحدات دم كافية، لا يستطيع الأطباء إجراء الجراحة، وقد نفقده في أي لحظة".
ووجّه أبو موسى مناشدة عاجلة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل الفوري من أجل إدخال وحدات دم إلى قطاع غزة عبر المعابر، لإنقاذ حياة ابنه وآلاف الجرحى الذين يواجهون خطر الموت المحقق.
ولا تختلف مأساة الجريح أحمد معمر كثيرًا، إذ يحتاج هو الآخر إلى نقل دم عاجل لإجراء عملية جراحية، بعد إصابته بطلق ناري أطلقته طائرة مسيّرة إسرائيلية.
يقول شقيقه علي معمر لـ"فلسطين": "منذ ثلاثة أيام وشقيقي بحاجة إلى وحدات دم، ولكن المستشفى يفتقر إليها تمامًا. المتبرعون الذين حضروا كانت أجسادهم هزيلة، ولم تُعتمد أي وحدة منهم".
وأوضح أن "الحل الوحيد حاليًا هو إدخال وحدات دم عبر المعابر، أو السماح بنقل المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج، وإلا فإن حياة شقيقي مهددة بالخطر".
بدوره، أكد الدكتور مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية، أن النظام الصحي في غزة وصل إلى مرحلة حرجة، مشيرًا إلى أن الطواقم الطبية أصبحت عاجزة تمامًا عن توفير وحدات الدم للجرحى والمرضى.
وقال الهمص لـ"فلسطين": "يأتي إلينا الشباب والرجال للتبرع، فنكتشف أنهم أنفسهم بحاجة إلى نقل دم بسبب سوء التغذية الحاد".
وأضاف أن القطاع يفقد عددًا كبيرًا من المصابين يوميًا بسبب عدم توفر وحدات الدم، في ظل توافد مستمر وكثيف للإصابات كل دقيقة، مؤكدًا أن "غرف العمليات والعناية المركزة والطوارئ تشهد أوضاعًا كارثية مع تزايد الإصابات الخطيرة".
وتابع: "لا نطلب من العالم شيئًا سوى إدخال وحدات الدم فورًا إلى قطاع غزة... الآن، وليس غدًا".
وشدّد على أن غالبية سكان القطاع يعانون من فقر الدم جراء تدهور الوضع الغذائي، ما جعل الدعوات المجتمعية للتبرع بالدم دون جدوى.
وأكد أن هناك حاجة ماسة للتبرع بالدم من الأشقاء في الضفة الغربية والقدس، ونقله عبر وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن الاحتلال يضع مستشفى ناصر ضمن مناطق الإخلاء، وهو الوحيد الذي يحتوي على بنك دم.
وطالب الدكتور الهمص بإدخال وحدات الدم ضمن المساعدات الإغاثية لإنقاذ الأرواح، خاصة في ظل نقص الأدوية والمستهلكات الطبية المنقذة للحياة، وأجهزة التصوير التشخيصية، ما يحول دون إتمام التدخلات الجراحية العاجلة للجرحى.
وبيّن أن الطواقم الطبية تعمل في ظروف معقدة ولساعات طويلة في محاولات مستميتة لإسعاف الجرحى وإنقاذ حياتهم، بينما تعمل المولدات الكهربائية وفق أرصدة محدودة من الوقود لإمداد الأقسام الحيوية بالكهرباء.
وجدد الهمص مناشدة وزارة الصحة العاجلة للجهات المعنية لإنقاذ المنظومة الصحية، في ظل ما تبقى من مستشفيات تُصارع مستويات كارثية تهدد بانهيارها التام.