فلسطين أون لاين

الجرح العاشر: الأفراح في مخيمات النزوح

على الرغم من قساوة الحياة بغزة نتيجة إجرام العدو في قتل الأجساد والأرواح ظناً منه أنه سيهزم الشعب، فإن الشعب يُصر على البقاء بكل قوة ويمارس ما يمكنه من طقوس البقاء، ومنها الزواج.

فالزواج آية من آيات الله عز وجل، ومن نواتجه الإنجاب والتكاثر، وهو في حالتنا الفلسطينية يُعد من أشكال المقاومة؛ لأن العدو قتل منذ احتلاله لبلادنا الكثير ولا يزال يقتل؛ لأنه لا يرغب في تحقيق نمو سكاني فلسطيني، وهذا يؤكد أن فكرة القتل عنده تتعدى قتل الجسد، بل منع البقاء.

وفي جولةٍ سريعةٍ على طقوس أفراح الزواج قبل العدوان وفي أثنائه، نجدها سابقاً كانت تمر بخطواتٍ كثيرة منها جمع المهر، وبناء شقة خاصة، والبحث عن عروس، وصالة فاخرة، وفستان عروس مميز، وموكب سيارات، ووليمة معتبرة، وسهرة شباب نوعية.

أما في أثناء العدوان المستمر، فطقوس الأفراح بسيطة جدا احتراما لدماء الشهداء، فالمهرُ بسيط جداً؛ لأن الوضع الاقتصادي صعب على الجميع، والخيمة صارت بديلاً للشقة، والعروس قد تكون في ذات المخيم، الذي تعارفت فيه العائلات، على الرغم من أن كل عائلة من محافظة، لكن جمعهم النزوح والألم، ومع طول مدة النزوح زادت المعرفة وتوطدت العلاقة، ونتج عن ذلك زواج شباب نازحين من فتيات نازحات. 

ولا بُدل فخمة؛ لأن الوضع لا يسمح، ولا صالة أفراح؛ لأنها مقصوفة، فيُقام حفلٌ بسيطٌ في مكانٍ بسيطٍ يحضره أهل العروسين فقط وبعض الناس، ولا موكب سيارات، نظراً لانعدام الوقود، ولا وليمة نظراً لانعدام المواشي، أما سهرة الشباب فتُقام في ساحة مخيم النزوح ويتم غناء الأغاني الشعبية المؤكدة على الصمود.

وتعريجاً على معلومات حصلتُ عليها من أحد العاملين في محكمة دير البلح لتوثيق عقود الزواج، سألته كم عدد حالات الزواج؟ أخبرني أن منذ بدء العدوان حتى نهاية 2024 وفي منطقة الوسطى والجنوب بلغت 47 ألف حالة زواج.

 وعلمتُ من مصدر طبي آخر أن كل يوم يُولد في قطاع غزة ما يقارب من 200 مولود، جزء منهم يعاني أمراضًا نتيجة مخلفات الصواريخ، ولا يحصل على الغذاء الكافي؛ لأن أمه لا تجد ما تأكله حتى ترضع وليدها.

إن الزواج والتكاثر في هذه الظروف يدل على استمرارية الحياة في غزة على الرغم من كل موانع استمرارها، وأن آيات الله عز وجل نافذة، وإلى الله المشتكى.

المصدر / فلسطين أون لاين