بعد ما يقارب ساعة كاملة وهي تقف في الطابور أمام صيدلية أحد المراكز الصحية لصرف وصفة الدواء الخاصة بها لمرض السكري وضغط الدم، تفاجأت بأن غالبية أدوية الأمراض المزمنة غير متوفرة.
المواطنة أم خالد عوض (٥٠ عامًا) تقول: "استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق معابر قطاع غزة يزيد من معاناة آلاف المرضى، خاصة نحن المصابين بالأمراض المزمنة، فقد أصبحنا نواجه وضعًا صحيًا كارثيًا بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية".
مرضى بلا دواء
المواطن أبو محمد سالم، وهو مريض بالسكري في العقد السادس من عمره، يقول لـ "فلسطين أون لاين": "منذ سنوات وأنا أعاني من مرض السكري، كما أعاني من صعوبة بالغة في الحصول على الأدوية المسؤولة عن خفض منسوب السكر في الدم، وعلى وجه الخصوص الأنسولين، مما أدى إلى تدهور حالتي الصحية".
ويضيف: "حياتي مرتبطة بهذا الدواء، لكن منذ أسابيع وأنا أبحث عنه دون جدوى، وإذا لم يتوفر قريبًا، فإن وضعي الصحي سيزداد سوءًا".
يعيش المرضى المصابون بأمراض مثل السرطان، السكري، الفشل الكلوي، وأمراض القلب وضعًا صعبًا نتيجة شح الأدوية الأساسية التي يعتمدون عليها يوميًا. فإغلاق الاحتلال للمعابر يمنع وصول الإمدادات الطبية ويعرقل دخول الشحنات الدوائية، مما يضع حياة هؤلاء المرضى في خطر حقيقي.
أما الشابة الثلاثينية سها ثابت، وهي مريضة سرطان، فتخبر أن وضعها الصحي تدهور بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة منذ ما يقارب عامًا ونصف، ويزداد سوءًا بفعل سياسة الاحتلال في إغلاق المعابر.
وتقول لـ"فلسطين أون لاين": "الطبيب المعالج أخبرني أن الجرعة التي أحتاجها باتت على وشك النفاد، وأنه سيأتي يوم سيكون عليّ فيه الانتظار حتى يتم إدخال الأدوية، لكن لا أحد يعلم متى ستحل الأزمة. المرض لا ينتظر، وأنا أشعر أن الموت يقترب"
وترى أن مرضى السرطان هم الأكثر تضررًا، حيث يعاني آلاف المرضى من عدم توفر العلاجات الكيماوية والمسكنات والمضادات الحيوية الضرورية خلال فترة العلاج، عدا عن أن كثيرين منهم يضطرون إلى السفر خارج القطاع لتلقي العلاج، لكن إغلاق المعابر يجعل ذلك شبه مستحيل، مما يعرض حياتهم للخطر.
بينما منال مسعود، التي أصيبت بمرض ارتفاع ضغط الدم بعد إنجاب طفلها الأخير قبل ١٠ سنوات، تبين أنها خلال فترة الحرب انقطعت لفترات متعددة عن تناول علاجها المناسب، لعدم توفره في المراكز الصحية، وعدم قدرتها ماديًا على البحث عنه في الصيدليات.
وتقول: "تعود الأزمة من جديد بفعل إغلاق المعابر، مما يؤثر على وضعي الصحي، فعدم تناول العلاج بشكل منتظم يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وظهور أعراضه كصداع وتورم أطرافي العلوية".
وتشير إلى أن شهر رمضان زاد وضعها الصحي سوءًا، خاصة في ظل اعتمادها على المعونات، داعيةً المؤسسات الدولية والصحية للتدخل لإنقاذ حياة المرضى.
مستشفيات على حافة الانهيار
من جهته، يتحدث الدكتور زكريا أبو قمر، القائم بأعمال مدير عام الصيدلة بوزارة الصحة، عن حجم النقص في القائمة المتداولة من الأدوية في المراكز والمستشفيات الصحية، والذي يبلغ ٤٧٪، بينما يصل النقص في الأصناف والمستلزمات الطبية إلى ٥٦٪.
ويشير إلى أن ٥٩٪ من أصناف المستلزمات الطبية والأدوية في مراكز الرعاية الأولية رصيدها صفر، وخاصة الأدوية التي تتعلق بالأمراض المزمنة مثل الضغط، السكري، والروماتيزم وغيرها.
ويضيف د. أبو قمر أن الأزمة تزداد تفاقمًا بسبب الحرب وإغلاق المعابر، لافتًا إلى أن نقص الأدوية في القطاع الخاص المدمر لا يقل عن النقص الذي يعاني منه القطاع الحكومي.
ويقول لـ "فلسطين أون لاين": "هذه الأزمة تؤدي إلى تدهور الوضع الصحي للمرضى وقد يفقدون حياتهم، كما أنها تضع الطواقم الطبية في موقف صعب أثناء تقديم الرعاية لهم، وتزيد من العبء عليهم، بالإضافة إلى العبء الاجتماعي والمادي".
وينبه د. أبو قمر إلى أنه في ظل الوضع الحالي في القطاع، لا توجد إحصائيات رسمية عن الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب نقص الأدوية.