فلسطين أون لاين

تقرير وسيم تمراز .. ناجٍ من مجزرة إسرائيلية يبحث عن رفات أسرته

...
وسيم تمراز .. ناجٍ من مجزرة إسرائيلية يبحث عن رفات أسرته
غزة/ محمد عيد:

بينما كان القلق والتوتر يسود أسرة المواطن مصباح حسن عبد الهادي تمراز بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، للنقاش حول البقاء في الشقة السكنية أو النزوح من البرج السكني والذهاب لمنزل شقيقه القريب من ذاك البرج علّه يكون أكثر أمانا.

خرجت الأسرة أخيرا بقرارها الأخير، النزوح من الشقة السكنية وذهاب الأب "مصباح" لمنزل شقيقه "سمير"، حيث اجتمعت تلك الأسرتين والأبناء الأحفاد في المنزل الواقع قرب المخيم الجديد بمخيم النصيرات وسط القطاع.

دخل الأب وزوجته وأبنائه داخل منزل شقيقه، بينما بقي الابن البكر "وسيم" خارج المنزل يسير ذهابا وإيابا من القلق والتوتر جراء أصوات الصواريخ والقذائف العسكرية.

184d114e-02dd-482a-b4ce-fd112d940e50.jpg
 

فجأة، ألقت طائرة إسرائيلية منشورات تحذيرية قادت قدمي "وسيم" برفقة المارة من الناس الابتعاد عن المنزل والركض عليها، فسار خطوات معدودة ثم وقعت الواقعة حينما أطلقت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة صواريخ "حزام ناري" صوب المنطقة السكنية ما أوقع مجزرة بشعة راح ضحيتها 37 شهيدا من عائلات (تمراز، جودة، الحيوي، ثابت) وعائلات نازحة في المنطقة.

لم يكمل "وسيم" طريقه بل سقط مغشيا عليه لعدة دقائق من هول الصدمة والانفجارات، ثم ما لبث أن استيقظ ونظر للمنزل "فشعر أنه في حلم!" حتى أسعفه مواطنون بمركبة أجرة نحو مستشفى العودة في النصيرات.

لم يستسلم "وسيم" لسرير الشفاء بل نفض غباره ذاهبا لمنزل عمه الآخر "يوسف" ليخبره بالمجزرة، أو معرفة أية خبر أو معلومة عن أسرته وأسرة عمه والمربع السكني بأكمله.

قضى "وسيم" تلك الليلة برفقة أبناء عمه على أمل انقشاع الليل والذهاب نحو مكان المجزرة والبحث عن أفراد عائلتيهما، لكن: "لا مؤشرات لناجون!" يستذكر "وسيم" تلك التفاصيل جيدا.

في بداية الأمر، اعتقد الباحثون أن هناك ناجون تحت الأنقاض أو جثامين لثلاثة عشرا شهيدا من أسرتين، واستمرا في البحث أسفل الركام بوسائل بدائية أسبوع كامل.

ولاحقا، استئجارا آلة حفار على نفقتها الخاصة لأجل البحث عن الجثامين، وبعد عدة ساعات قضاها ذاك "الحفار" لم يعثر الناجون إلا على "شبه جثة" تعود لـ"حسام" نجل "سمير".

"وسيم 20 عاما" هو الناج الوحيد من عائلته التي مُسحت من السجل المدني، حيث استشهد والده وأمه "أماني" وإخوانه "يوسف، محمد، ريما" في مجزرة ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات بتاريخ 30 أكتوبر/ تشرين أول 2023م.

أما "حمادة ومحمد" فهما ناجيان آخران كانا خارج المنزل وقت المجزرة التي استشهد خلالها والدهما "سمير" ووالدتهما "نبيلة" وأشقائهما 3 بنات وولد، كما استشهد في ذات القصف زوجة محمد ورضيعه.

يرجح الشهود على تلك المجزرة البشعة أن تكون الجثث تبخرت أو أذيبت من حجم لهيب الصواريخ الإسرائيلية، لكن ذلك "لا يزال يدور في ذهن وقلب وسيم .. أين جثامينهما؟".

بعد عامين من تلك المجزرة، استطاع "وسيم" استكمال المرحلة الثانوية والحصول على معدل 96% الفرع العلمي، وهو ما فتح جرحا غائرا داخل قلبه: "لو أن لهما قبرا وأذهب لأضع الزهور عليه" يتحدث بحزن: "لا أستطيع أن أصدق هذه المجزرة حتى هذه اللحظة .. كل ما أتمناه قبر واحد لأسرتي". 

وأمام هذه المجزرة التي تعد واحدة من 2,700 أسرة أبيدت بالكامل من السجل المدني ارتكبها جيش الاحتلال بحق عائلات فلسطينية بأكملها، وجد "محمد" فرصة للزواج مجددا ليكمل مشوار عائلته فيما يرفض "حمادة" اتخاذ أية خطوة حزنا على أسرته التي قتلت في هذه الإبادة بـ"لحظات" دون تهمة أو ذنب.

يقول هؤلاء الناجون بأنه لا معنى للحياة ولا شكلا للفرح فيها دون العائلة التي قتلتها الإبادة الإسرائيلية الجماعية المستمرة منذ أزيد عن عامين.

المصدر / فلسطين أون لاين