فلسطين أون لاين

​آثاره كارثية على القضية الفلسطينية

"التطبيع".. تجميلٌ عربي وفلسطيني لـ(إسرائيل) وضمان لاستمرار مخططاتها

...
رام الله / غزة - أحمد المصري

لا تنقطع الفعاليات التطبيعية، والمشاهد الإخبارية بين الفينة والأخرى، عن صور وأشكال التطبيع العربي والفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، والتي لم تكن أُولاها عربيًا وصلات الرقص في البحرين، ولا آخرها مسيرة "النساء يصنعن (السلام)" في الضفة المحتلة؛ تحت ذرائع وأهداف واهية.

وعُرف التطبيع بأنه "ممارسة سياسات على مستوى الحكومات أو أفعال على مستوى الأفراد والجماعات للتعامل مع (إسرائيل) أو الإسرائيليين على أنهم جزء طبيعي في الوطن العربي، وتجاهل ممارساتهم في إبادة وتشريد الفلسطينيين".

ويقول الكاتب والمحلل السياسي من مدينة رام الله، د.أحمد رفيق عوض: إن التطبيع تحت أي صورة أو مبرر كان، لا يخرج عن كونه تجميلًا واضحًا لوجه الاحتلال، وتبييضًا لصفحته السوداء أمام العالم.

يفتح الأبواب

ويؤكد عوض لـ"فلسطين"، أن التطبيع السياسي مع الاحتلال، هو الأخطر على القضية الفلسطيني، "ليس مجرد اعتراف بوجود الاحتلال وفقط، بل إنه يفتح الأبواب على مصراعيها للتطبيع في كافة المجالات".

ويشدد على أن التطبيع مؤذٍ للفلسطينيين ويضر بعدالة قضيتهم، ويُجمل الصورة البشعة للمحتل، في وقت يمارس الأخير وأمام أعين دول الأسرة الدولية كافة صنوف العنصرية والبطش ونهب الأرض والتنكر لفرص "التسوية".

ويلفت عوض إلى أن الاحتلال تركزت سياسته على التطبيع منذ فترة طويلة، باعتبارها الضامن الأساسي لبقائه في المنطقة، وقبوله كجسم طبيعي ليس في فلسطين وحدها بل في الوطن العربي، فيما ينبه إلى أن التطبيع يحقق علاقات مع (إسرائيل) من شأنها أن تتجاوز الجرائم التي تقترفها بحق الفلسطينيين مع عدم تحميلهم أي مسؤولية عليها.

ويشير المحلل السياسي إلى أن التطبيع سواء جرى فلسطينيا أو عربيا مع الاحتلال، يضمن استمرار الأخير في مشاريعه، وعنصريته.

كما أن الفعاليات والزيارات المتبادلة ما بين شخصيات الاحتلال ومؤسساته مع بعض الشخصيات والمؤسسات العربية والفلسطينية، وفقا للمحلل عوض، تمنح (إسرائيل) الانفكاك من الأزمة التي تعيشها، وتشجعه على استباحة دماء الفلسطينيين وسلب حقوقهم أكثر.

ويتخذ التطبيع أشكالاً متعددة من خلال فتح جسور للاتصال وإقامة علاقات رسمية وغير رسمية، في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفنية والرياضية والاستخباراتية مع دولة الاحتلال، غير أنه محاط برفض واسع.

وشهدت الآونة الأخيرة زيارات ولقاءات رسمية سرية متبادلة ما بين شخصيات سياسية عربية وإسرائيلية، كشفت عنها وسائل إعلام عبرية، غير أن اللافت ما دعا إليه العاهل البحرين مؤخرًا حمد بن عيسى آل خليفة، عن نيته التطبيع مع (إسرائيل) علنًا وشجبه للمقاطعة العربية لها.

الأول والأخير

ويؤكد المحلل السياسي خالد عمايرة، أن الاحتلال هو المستفيد الأول والأخير على كافة الأصعدة من سياسة التطبيع الجارية بينه وبين العرب وبعض الفلسطينيين، ويشير إلى أن الاحتلال يضمن بهذا التطبيع بقاءه واستمرار مشاريعه ومخططاته دون أي تعكير.

ويلفت عمايرة لـ"فلسطين"، إلى أن التطبيع من شأنه أن ينعكس سلبًا على مستقبل القضية الفلسطينية، ويُمكن الاحتلال من السير على نفس السياسة التي يعمل بها حاليًا ودون أي تراجع أو خشية من حساب أو مقاضاة.

ويشدد على أن العرب يرغبون في الحفاظ على سلطتهم عبر التطبيع، والدخول عبره لنيل الرضا الأمريكي، فيما أن آثار ذلك "كارثية" على القضية الفلسطينية، بما تشكله من طوق نجاة للاحتلال وتجميد حال الفلسطينيين المتأزم إلى ما لانهاية.

ويذكر أن المتتبع لمسيرة التطبيع العربي الفلسطيني مع الاحتلال، يرى أن النتيجة "صفر كبير"، وأن الاحتلال استفاد على كافة الصعد من التطبيع بعيدًا عن المصالحة الوهمية.

وينبه إلى أن التطبيع ووفقا للمؤشرات زاد خلال الفترات الماضية، وخرج من "تحت الطاولة" للعلن، وهو ما قد يشجع فئات مجتمعية أخرى، في الدول العربية والإسلامية، على انتهاج هذا المسار، بحجة البحث عن "السلام والتعايش بين الشعوب، والتخلي عن الحس الأصيل في التعامل مع الاحتلال بأنه عدو طالما بقي جاثما على أرض فلسطين".