فلسطين أون لاين

​ثلاثة عوامل تؤثر في الموقف الأمريكي من الملف الفلسطيني - الإسرائيلي

...
دونالد ترامب (أف ب)
غزة - نور الدين صالح

تُعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر دول العالم امتلاكاً لأوراق القوة والضغط على الحكومة اليمينية المتطرفة في (إسرائيل) إذا ما أرادت فعلاً ثنيها عن صلفها السياسي إزاء القضية الفلسطينية.

ويرى مراقبون ومختصون في الشأن الإسرائيلي، أن هناك عدة عوامل تؤثر على القرار واشنطن في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، أبرزها قوة اللوبي الصهيوني في الكونغرس الأمريكي المعروف بعدائه الشديد للفلسطينيين، ودعمه المطلق لليمين الإسرائيلي.

فمن وجهة نظر المختص في الشؤون الأمريكية والدولية د. أشرف الغليظ، تضرب دولة الاحتلال بعرض الحائط كل أطياف الشعب الفلسطيني منذ مشروع قيام كيانها عام 1948، بدعم ومساندة أمريكية وأوروبية.

وأوضح الغليظ خلال حديثه مع "فلسطين"، أن غالبية الأحزاب السياسية الاسرائيلية تنتهج نفس السياسات ضد الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية بشكل عام.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة بقيادتها تأخذ القرارات من "اللوبي الصهيوني" المالك للمال والقرار، "فهو الداعم الأكبر للحركة الصهيونية وقراراته تصب في مصلحتها".

ورغم أن موقف واشنطن المعلن من رفضها للبناء الاستيطاني على حدود الأراضي المحتلة عام 67، إلا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت على دوام ولا تزال سداً منيعاً أمام أي موقف دولي ضد حكومة الاحتلال، وغني عن التذكير بالمواقف التي كان آخرها انسحاب أمريكا من منظمة "اليونسكو"، وصولاً إلى تأييد الشروط الإسرائيلية لقبول المصالحة الفلسطينية.

وكان المبعوث الامريكي الخاص للرئيس دونالد ترمب، جيسون غرينبلات، قال إن "أي حكومة فلسطينية مقبلة يجب أن تلتزم بنبذ العنف والاعتراف بـ(إسرائيل) والقبول بالاتفاقيات الموقعة معها، ونزع سلاح حماس".

وعلّق الغليظ على ذلك بالقول، إن الولايات المتحدة مهتمة في المصالحة ليس حباً بالشعب الفلسطيني، إنما رغبة في "تركيع" الحركات الإسلامية، وخاصة حماس للاعتراف بـ (إسرائيل).

وبالإضافة إلى تأثير اللوبي كقوة ضغط على السياسات الخارجية الأمريكية، يطرح المختص في الشأن الاسرائيلي علاء خضر، عاملين آخرين تساعد سلطات الاحتلال على تبني سياسات تترجم عملياً بسلسلة طويلة من الإجراءات التهويدية للأراضي الفلسطينية المحتلة بمباركة أمريكية.

وبين أن سيطرة اللوبي على الإعلام يجعله متحكماً بالرأي العام الأمريكي "وبالتالي فأي رئيس أمريكي يريد دعماً مطلقاً لتأييد سياساتها أو الصمت عنها وإظهار مواقف متشددة تجاه العرب، والتزامه بدعم أمن (إسرائيل)".

وبحسب ما تحدث به خضر لصحيفة "فلسطين"، فإن العامل الثاني يتمحور حول اشتداد قوة التنافس بين الأحزاب اليمينية في دولة الاحتلال للحصول على أعلى الأصوات في الانتخابات المقبلة، عبر الإعلان عن مواقف واتخاذ قرارات أكثر تشدداً ضد الفلسطينيين.

وكان استطلاع إسرائيلي للرأي، أجرته القناة العاشرة، في أغسطس الماضي، أظهر أن 66% من الإسرائيليين يرون أن على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الاستقالة من منصبه "في حال أُدين بتهم تتعلق بالفساد"، وهي قضية أثيرت قبل أكثر من ثلاثة أشهر.

وهي معطيات تدفع رئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينت، لتقديم نفسه كـ"بديل" لخلافة نتنياهو رغم توقع استطلاع آخر أجري في أبريل الماضي تقدم حزبي "يوجد مستقبل" و"المعسكر الصهيوني" عليه، ولعل ذلك ما يدفعه لتبني مواقف أكثر يمينية.

وأشار خضر إلى أن العامل الثاني يتمثل في المشهد العربي المأساوي الذي يسمح لـ(إسرائيل) بزيادة مواقفها المتشددة ضد الفلسطينيين، دون حسيب أو رقيب، وفسّر خضر ذلك بالقول "لم تعد الدول العربية تشكل قوة سياسية تثير مخاوف (إسرائيل) بفعل حالة التشظي العربي واختلاف المصالح السياسية واختلاطها بالقوى الدولية، الأمر الذي أعطى الاحتلال دوافع أكبر للإمعان بالتطرف سياسيا بإصدار قوانين عنصرية وميدانياً بتوسيع الاستيطان ورفع وتيرة اقتحامات المسجد الأقصى".

ويؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي، أن العوامل السابقة تجعل حكومة الاحتلال أكثر تشدداً، خاصة أن الفرصة الآن مواتية لها للتنكر لحقوق الفلسطينيين وعملية التسوية والاتفاقيات الموقعة مع السلطة.

الضغط على الأضعف

ولا يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة لن تضغط على (اسرائيل) لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين، في ظل الدعم والتأييد الواضحين اللذين تقدمهما لها، وفق المختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة.

وأرجع في حديث لـ"فلسطين"، أسباب عدم قدرة أمريكا للضغط على (إسرائيل) لضعف المنظومة العربية الموالية لها، والتي تبدو غير مكترثة بما يجري على الأرض الفلسطينية، بل وتسعى للتطبيع معها سواء بعلاقات سرية أو علنية.

وأوضح أبو زايدة، أنه وفي ضوء المعطيات الإقليمية "الطرف الفلسطيني هو الأضعف سياسياً واقتصادياً والضغط عليه لتقديم مزيد من التنازل أكثر سهولة من خلق أزمات سياسية بين سلطات الاحتلال والإدارة الأمريكية ".

وقال: "إذا كانت (إسرائيل) تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة فلماذا تضغط عليها تحت أي شكل من الأشكال سواء في المرحلة الحالية أو المقبلة؟".