فلسطين أون لاين

هل تنجح الوصفة الأمريكية لصفقة القرن بتطبيع العلاقات السعودية العربية مع الاحتلال؟

لم يعد خفيًّا السعي العربي الرسمي إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي يعني بالضرورة زوال الحواجز النفسية والجيوسياسية، التي حالت دون حدوث ذلك منذ احتلال فلسطين عام 1948م.


ولعل تجربة اتفاقية كامب ديفيد مع مصر واتفاقية "السلام" منذ حكم السادات نهاية سبعينيات القرن الماضي ستشكل نقطة ارتكاز أولى، مع أن اتفاقية "أوسلو" مع منظمة التحرير الفلسطينية واتفاقية "وادي عربة" مع الأردن شكلتا الانعطافة الأكبر نحو قبول الكيان "رسميًّا"، وعده شريكًا مهمًّا في "السلام" الإقليمي، وضامنًا كبيرًا لدعم التبادل الاقتصادي العربي الأمريكي.


ما أقدم عليه السادات في ذلك الوقت كان خطوة عكس التيار العربي الرسمي، فقد زار الكيان وقدم خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي، الأمر الذي دعا جامعة الدول العربية لنقل مقرها إلى تونس ومقاطعة القاهرة، وهو ما لن يتكرر عربيًّا.


اليوم يبدو أن استقبال المملكة العربية السعودية الرئيس ترامب بعد الرعاية شبه الرسمية لزيارات الجنرال السعودي "أنور عشقي" إلى الكيان يعني أن السعودية ستقود حملة التطبيع الرسمية الجديدة مع الكيان، ويرى "دينس روس" رجل المفاوضات الأول في إدارة جورج بوش، وإدارة كلينتون أن "مبادرة السلام العربية" التي أعلنها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002م ستكون حصان طروادة السعودي، مؤكدًا أنه مطلوب من الحكومة الإسرائيلية تقديم حلول مقبولة لدى الفلسطينيين والعرب للقضايا النهائية، مثل: القدس، أو إعلان تجميد الاستيطان، من أجل توفير غطاء دبلوماسي و"أخلاقي" يمكن للعرب استخدامه أمام شعوبهم لضمان صمتهم.


لكن كل ذلك لا يبدو أنه يلقى أي قبول إسرائيلي، خاصة في ظل استناد نتنياهو إلى الأحزاب الأكثر يمينية في تشكيلته الحكومية، ما يعني أن حل الدولتين الذي تعنيه اتفاقية "السلام" العربية لن يُكتب له النجاح دون تقديم تلك الضمانات الصهيونية.


وفي مقاله يوم 25 سبتمبر السابق بعنوان: "كيف يمكن لترامب أن يعيد محادثات السلام في الشرق الأوسط إلى مسارها الصحيح؟" يرى "روس" أنه مهما قدمت الولايات المتحدة للعرب والسعودية في الموضوع السوري، ضد إيران وحزب الله؛ فإن ذلك لن يدفع باتجاه تطبيع فعلي وعملي على الأرض، اللهم إلا تصريحات إعلامية وبيانات دبلوماسية، فالمطلوب هو تقديم "شيء مناسب" يتعلق بفلسطين والفلسطينيين، الذين يُعدون أصل الصراع وبداية الحكاية.


ومع كل الجهود العربية الرسمية للتطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني، والسنوات الطويلة من "العلاقات الخفية" ذلك كله لم يمنح الكيان طمأنينة الوجود الشرعي؛ فما يبحث عنه هو كسر الحواجز النفسية بينه وبين الشعوب العربية والإسلامية، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث في ظل عنصرية الكيان ضد الفلسطينيين والعرب، وإصراره على "يهودية الدولة"، وهما اللذان سيبقيان يؤججان الصراع، وسيذكّران دائمًا بحق الشعب الفلسطيني العربي في أرضه، إلى أن يتحقق الحلم الفلسطيني المستمر منذ 70 عامًا، بتحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها، وتحرير الأسرى كافة من السجون الصهيونية، وتلك هي الصفقة الفلسطينية الرابحة.