استوقفني تسمية الله لابن زكريا باسم لم يعهد من قبل، لماذا هذه التسمية!؟ كان طلب زكريا هو غلام أو ذرية طيبة، فكانت الإجابة ببشارة بغلام اسمه يحيى، المعلوم أن الأسماء إنما يتم اختيارها تيمنًا، فالذي يسمي ابنه باسم سالم؛ إنما يتيمن من ذلك السلامة له، ومن يسميه كريم؛ يتيمن حصول هذه الصفة فيه، وقد لا يحصل الفأل بالاسم كما تيمن أصحابه فليس كل سالم سالمًا، وليس كل كريم بالضرورة يكون كريمًا.
لكن عندما يسميه الخالق فهنا حتمًا ينال صاحب الاسم بركة اسمه؛ إنه يحيى، فلماذا هذا الاسم العجيب!؟ في ظني هناك إشارتان عجيبتان في الاسم:
الإشارة الأولى: يحتمل أن زكريا كان في بداية أمره يأتيه الولد ثم يموت الولد في بداية حياته، فجاء اسم يحيى هنا لبيان عظمة الآية والمعجزة التي نالها زكريا u، إنه غلام وهذا الغلام يحيى ويدوم أمره، فالبشارة هنا كانت مزدوجة لزكريا u.
الإشارة الثانية: وهي لها علاقة بالحياة الحقيقية، يقول الله I: "يَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ" [الأنفال]، فالإنسان وفق القرآن إما هالك وإما حي، فالذي يحيى بميزان القرآن هو الإنسان الحي بإيمانه، فهي الحياة الحقيقة أما غيره فهم أرقام للهلاك؛ فكانت الإشارة بهذا الاسم أن ولدك سينال حياة حقيقة وفق ميزان الله، وهذا استجابة لطلبك الذرية الطيبة، إنه ذرية طيبة بها كل معاني الحياة وفق ميزان القرآن.
أما الإشارة الثالثة التي أزيدها هنا: فسيدنا يحيى عاش حياة نبوة بكل معانيها، وعند كهولته نال الشهادة؛ ليكمل مسيرة الحياة بأجلى صورها، فالشهداء هم الأحياء ...، إن أجمل ما في هذه البشارة كان في اسم يحيى.