فلسطين أون لاين

"حربُ الإبادةِ على غزَّة" واستهدافُ الصَّحافة

يستطيع المتابع لطوفان الأقصى وحرب الإبادة في غزَّة، أن يلاحظ الإعدام الممنهج الذي يقوم به الجيش "الإسرائيلي" بحق الصحافة والإعلام ، أن ما يجري في غزة هو إعدام وتغييب للصوت الحر، ومحاولة احتلالية لطمس الحقيقة بل وتشويهها، وأن حالة الإعدام الاحتلالي للصحافة  لم يأتي من فراغ وليس عبثيًا، بل يأتي بشكل ممنهج ومقصود، ويرتكز على خطه مدروسة ومعده لإبادة الإعلام.

 ويسعى الاحتلال جاهدًا لطمس كل ما يتعلق بفلسطين وشعبها وعدالة قضيتها، ويحاول طمس جريمته في غزة، ويهدف إلى محاولة إخماد صوت الحقيقة، وتخويف الصحفيين من الحديث عن إجرام جيش الاحتلال، كما يحاول تدمير أدلة التوثيق لجرائم الإبادة التي ينفذها الاحتلال في غزة، كما يهدف الاحتلال لتسويق روايته هو عن الحرب لتسويق نصره المزعوم ولاستمالة الرأي العام الدولي، لذا فهو يحتاج لتغييب أي صوت يكشف زيف ادعاءاته.

أولًا: شهداء وأسرى وجرحى:

أ201 صحفي استشهد في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وقد دأب جيش الاحتلال على شن هجمات قاتلة ضد الصحفيين الفلسطينيين وعائلاتهم، إذ وُثقت عشرات الهجمات المروعة التي طالت صحفيين وعائلاتهم منذ اندلاع الحرب بل وهناك عشرات العائلات لصحفيين تم شطبهم من السجل المدني، إذ لم يُبقي الاحتلال أي فرد من افراد العائلة.

كما أصيب أكثر من 390 من الصحفيين خلال الحرب، والمئات من الصحفيين مغيبين في سجون الاحتلال في ظروف قاسيه جدا.

ثانيًا: تدمير المؤسسات الإعلامية:

لم يكتفِ جيش الاحتلال باستهداف الصحفيين والعاملين في الإعلام بل تعدى ذلك ليقوم بتدمير المؤسسات الإعلامية في قطاع غزة، أكثر من 80 مؤسسة صحفية وإعلامية تعرضت للاستهداف بالقصف والتدمير الكلي والجزئي بالأشهر الأولى للحرب.

إن تدمير المؤسسات الصحفية والإعلامية ومراكز الخدمات والإنتاج الإعلامي لم يقف عند تدمير المبنى أو مقر المؤسسة الإعلامية، بل هو أيضًا تدمير للأرشيف الإعلامي لهذه المؤسسة وإرثها الصحفي ورصيدها المهني الذي أمضت بعض المؤسسات الإعلامية عشرات السنين في بنائه وتعزيزه.

يقول الإعلامي وائل الدحدوح: كانت "إسرائيل" تُدرك أن الحدث الذي ستُقدِم عليه كبير جدًّا جدًّا جدًّا، ولذلك ينبغي لوسائل الإعلام ألا تكون حاضرة وبقوة. ولهذا منعت الطواقم الصحفية الأجنبية من الدخول إلى غزة لتغطية الحرب، وحاربت الطواقم الصحفية المحلية من خلال قطع الاتصالات والإنترنت وإتلاف الشرائح الهاتفية والتشويش على الاتصالات والبث، واستهدفت أيضًا المقرات والمكاتب الإعلامية والسيارات والمقدرات، فضلًا عن الأشخاص بشكل مباشر الذين يقومون بأعمالهم بجرأة واضحة.

ثالثًا: هجرة الإعلاميين:

يسعى الاحتلال من خلال استهدافه للصحافة والإعلام الى دفع الصحفي لمغادرة قطاع غزة، ويُكرِّس هذا المظهر انقطاعًا جيليًّا بين الصحفيين الذين راكموا خبرات مهنية صحفية خلال عقود طويلة ثم اضطروا للابتعاد عن المجال الصحفي، وبين الصحفيين المتدربين أو الصحفيين المبتدئين، الأمر الذي يؤثر سلبًا في صيرورة وتطور العمل الصحفي المهني في غزة وفلسطين.

رابعًا: تدمير البنية التحتية:

كما عمل جيش الاحتلال على تدمير البنية التحتية التي يعتمد عليها الصحفيون لنقل أخبارهم وتقاريرهم من خلال قطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت، وإتلاف شرائح الهاتف، والتشويش وتخريب الأجهزة المتعلقة بالإعلام كالأبراج وغيرها من الأجهزة.

 القانون وحماية الصحفيين: 

- القانون الدولي الإنساني:

المادة 79 من البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف 1949 لحماية المدنيين بالنزاعات العسكرية، نصَّت على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في مناطق النزاعات المسلحة يجب احترامهم ومعاملتهم كمدنيين، وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد، شريطة ألا يقوموا بأعمال تخالف وضعهم كمدنيين.

- دراسة للجنة الدولية للصليب الأحمر عن القواعد العرفية للقانون الدولي الإنسان 2005:

المادة 34 من الفصل العاشر "يجب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية بمناطق نزاع مسلح ما داموا لا يقومون بجهود مباشرة في الأعمال العدائية".

- القرار 1738 لمجلس الأمن الدولي:

نصَّ القرار على:

– إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة.

– مساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك.