فلسطين أون لاين

​الاستيطان في الضفة مستمرٌ في مصّ دماء الفلسطينيين

...
الاحتلال يواصل بناء المستوطنات (أ رشيف)
قلقيلية - مصطفى صبري

تعاظمَت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية ولم يبقَ للفلسطينيين سوى أماكن سُكناهم في التجمعات السكنية من مدنٍ وبلدات وقرى ومخيمات؛ ولم يكن ينقص الأمر تصريحات القادة الأمنيين والسياسيين بمصادراتٍ جديدة لأراضٍ في عدة مناطق وبناء وحدات سكنية؛ لينزع بذلك الحياة من الفلسطينيين ليزيد من حجم معاناتهم.

ويقول الخبير بشؤون الاستيطان بشار القريوتي لصحيفة "فلسطين": "منظومة الاستيطان في الضفة الغربية تُوجع الفلسطينيين وتدعهم بلا أملٍ ولا مستقبل، فتجمعاتهم أصبحت سجونًا مقابل المشاريع الاستيطانية الضخمة في شمال الضفة الغربية ووسطها وشمالها، كما أن الطرق الالتفافية في سبيل تعزيز الإجراءات الأمنية زادت من الطين بلة".

ويشير أن أوامر الهدم للمنشآت الفلسطينية يُقابلها بناء وحدات جديدة في المستوطنات ومصادرة أرضٍ جديدة أيضًا لهذه الوحدات، لافتًا إلى أن الخرائط الهيكلية للمستوطنات تزداد يومًا بعد يوم والبلدات الفلسطينية تُحرم من البناء في أراضيها الخاصة.

وتابع القريوتي حديثه: "ملف الاستيطان في حياة الفلسطينيين من أعقد الملفات، ذلك أن أعداد المستوطنين المتزايدة تكون على حساب ما تبقى من مساحات للفلسطينيين وثرواتٍ طبيعية، مضيفة: "في كل يومٍ تنهب مقدرات الفلسطينيين في وضح النهار ويحرمون من حق الرد أو الدفاع عن مالهم وأرضهم وعوائلهم".

من جانبه، يقول حسن شبيطة مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في بلدية عزّون المستهدفة؛ يقول: "تكررت الاعتداءات على المزارعين في أوقات المساء وفي أثناء عودتهم من الحقول، وتقوم دوريات جيش الاحتلال بالاعتداء على العائلات واعتقال الأطفال وآبائهم".

ويطالب شبيطة بتوفير الحماية للمزارعين في بلدة عزون في ظل تكرار الاعتداءات باعتقال أطفال المزارعين والاعتداء على الكبار والنساء، كون جميع أراضي بلدة عزون محاذية للطريق الالتفافي (رقم 55) الذي يستخدمه سكان المستوطنات وبالقرب من مستوطنة معاليه شمرون، وجراء ذلك يدفع المزارعون وعائلاتهم ضريبة باهظة في موسم الزيتون بشكلٍ خاص على مدار العام، فتحركهم في أراضيهم المحاذية للشارع الالتفافي والمستوطنة والبوابات الأمنية يوقعهم في خطر شديد.

وفي السياق نفسه يرى د. جاد اسحاق مدير معهد أريج في بيت لحم، أن "الضفة الغربية تحولت إلى معازل و"كانتونات" وسجون، والبؤر الاستيطانية أصبحت أمرًا واقعًا، ذلك أن حكومة الاحتلال تُطبق مقولة شارون "عندما عاد من "واي ريفر" وخاطب المستوطنين بالقول: "عليكم احتلال التلال والقمم، وأي قمةٍ نصل إليها لن نتخلى عنها وهي لنا، والتي لا نصل إليها فهي لهم".

ويضيف د.اسحاق: "الاستيطان يستولي على 75% من أراضي الضفة الغربية، وحياة الفلسطينيين تقع ضمن نظام "الأبارتهايد" العنصري المستنسخ من جنوب أفريقيا، فهناك أراضٍ لا يدخلها الفلسطينيون في العام إلا مرة أو مرتين لقطف ثمار الزيتون بسرعة ولا يُسمح لهم البقاء فيها، وهناك شوارع يُحظر استخدامها وطرق مغلقة بشكلٍ كامل من أجل المستوطنين كما هو الحال في مدخل قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، عدا عن عربدات المستوطنين على الأهالي في الريف الفلسطيني وفي الأغوار والمناطق الحدودية، فمساحة التحرك للفلسطينيين محدودة بشكل لا يوصف".

ويؤكد د. اسحاق أن لدى الاحتلال فريق "الخطة الزرقاء" للاستيلاء على أراضي الضفة الغربية؛ وهو الذي يحدد أماكن الاستيطان الجديدة، والحكومة الإسرائيلية تصادق على توجهات هذا الفريق الذي ينهب الأرض يوميًا من أجل الاستيطان وتطويره.

ويعبر المزارع محمود سدة من قرية "جيت" شرق قلقيلية عن رأيه قائلًا: "مستوطنو بؤرة جلعاد الاستيطانية يهاجموننا في حقولنا ويسرقون الثمار ويحرقون الأشجار ويمنعوننا في كثيرٍ من الأحيان الدخول إلى أراضينا".

ويقول: "الوسائل التي يهاجموننا فيها تطورت من مركبات "التراكتورون" إلى الخيول، إنهم يهاجموننا بشكل مجموعاتٍ مثل أفلام الرعب الأمريكي "الكابوي"، ويصرخون علينا ويثيرون الرعب في قلوب النساء والأطفال في همجيتهم ووحشيتهم، ويهددوننا بالقتل فيها ويشهرون السلاح في وجوهنا، والأنكى أن جيش الاحتلال يقف بجانبهم ويتدخل عندما نحاول الدفاع عن أنفسنا".

وفي قرية كفر قدوم التي تُجاور كبرى مستوطنات الضفة الغربية وهي مستوطنة قدوميم، يسجل أهالي القرية صمودًا أسطوريًا من خلال البقاء في حقولهم والذهاب إليها في رحلةٍ محفوفة المخاطر.

ويعدّ مراد اشتيوي منسق مسيرة كفر قدوم الأسبوعية؛ الذي سبق أن تعرض للاعتقال جراء مشاركته في تنظيم المسيرة الأسبوعية منذ ست سنوات أن المزارعين الفلسطينيين يعملون في حقول من الأشواك المؤلمة، فمنهم من يتعرض للاعتداء من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال، وآخرين يمنعون من دخول أراضيهم، إضافة إلى سرقة الثمار أمام أعينهم من قبل المستوطنين تحت تهديد السلاح والعربدة.