تضاعف حالة المجاعة التي تضرب محافظتي غزة وشمالها بفعل الحصار الإسرائيلي، من معاناة الأطفال المصابين بأمراض السكري والضغط، مما ينعكس سلباً على أوضاعهم الصحية الآخذة بالتدهور يوماً بعد آخر.
ويحتاج عددٌ من الأطفال إلى إجراء عمليات جراحية غير متوفرة في مستشفيات شمال القطاع بفعل تدهور المنظومة الصحية ومنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.
الطفلة سميرة أبو طبق (7 أشهر) ترقد على أحد أسرة المرض في قسم الأطفال في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة وقدمها اليُمنى متصلة بأنبوب آخره "محلول" لا ينفك عنها خشية تدهور حالتها الصحية.
تقول والدتها لمراسل موقع "فلسطين أون لاين"، إن سميرة تعاني من مرض يُسمى "هيبوغلاسينيا" وهو مرض يُصيب البنكرياس، ويؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم بشكل دائم، مشيرةً إلى أنها تحتاج إلى أطعمة خاصة للحفاظ على استقرار حالتها الصحية.
وتحكي الوالدة المكلومة التي تجلس إلى جانب طفلتها الملقاة على سرير المرض، أن حالة المجاعة التي يعاني منها شمال القطاع انعكس سلباً على حالة "سميرة" الصحية، وأصابها بـ "سوء تغذية" بفعل نقص الأصناف التي تحتاجها لتحسين حالتها الصحية.
وتضيف "طفلتي تعاني من سوء تغذية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على مناطق شمال القطاع، بسبب عدم توفر الأطعمة التي تحتوي على السكريات التي اللازمة لها"، لافتةً إلى أن أبرز الأصناف التي تحتاجها هي التمر والعسل ونشا الذرة.
توزع "الوالدة المكومة" نظراتها صوب طفلتها وهي تردد "نفسي اطعمي سميرة مأكولات تحتوي على البروتينات مثل الفواكه وغيرها، لكني لا أستطيع خوفاً من حدوث هبوط في السكر بشكل مفاجئ".
وتوضح أن طفلتها تعيش حالياً على المحاليل التي تضم بعض السكريات اللازمة لاستقرار حالتها الصحية، "ولا أستطيع رفع المحاليل عنها بالمطلق خوفاً من انخفاض السكر بشكل مفاجئ بحيث تصل نسبته لأقل من 20"، حسب قولها.
ووفق الوالدة، فإن الأطباء أقروا بأن "سميرة" تحتاج إلى إجراء صورة خاصة بالبنكرياس لتحديد طبيعة المشكلة التي تؤدي لانخفاض السكر بشكل مفاجئ، ومن ثم إجراء عملية جراحية لها وصولاً لعلاج هذه الأزمة، مشيرةً إلى أن الصورة والعملية لا تتوفران في شمال القطاع.
وتدعو والدة "سميرة" الجهات المختصة وكل الضمائر الحية للمساهمة في علاج طفلتها من خلال تسهيل سفرها للخارج لإجراء الصورة والعملية الجراحية.
وتواصل قوات الاحتلال إغلاق معبر "كرم أبو سالم" منذ بدء اجتياحها لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة في السابع من شهر مايو/ أيار الماضي، حيث تتمركز دباباتها وآلياتها العسكرية أمام المعبر، في حين أنها تواصل توغلها من المناطق الشرقية إلى الغربية في رفح.
لا يختلف الحال لدى الطفل عبدالله نشوان (3 أعوام) المُلقى على سرير آخر بجانب "سميرة"، الذي اجتمعت عليه عدّة أمراض أبرزها "ضغط الدم"، الذي ألزمه فراش المستشفى منذ قرابة أسبوعين.
ويعاني "عبدالله" من ارتفاع في ضغط الدم، إلى جانب أمراض عدّة وهي "فتق في الحجاب الحاجز وارتجاع في المريء وارتخاء حاد في الحنجرة"، وفق ما تقول والدته لمراسل "فلسطين أون لاين".
وتضيف أن "عبدالله يمكث منذ عدة أيام في قسم الأطفال بمستشفى كمال عدوان، وحدث معه انتفاخات في أنحاء متفرقة في جسده دون معرفة أسبابها"، لافتةً إلى أن الأطباء قرروا ضرورة إجراء صورة خاصة بشرايين القلب، "وهي غير متوفرة في شمال القطاع".
وتشكو من عدم من مقدرتهم على إجراء الصورة الخاصة لـ "عبدالله" أو التحاليل الطبية المتعلقة بحالته"، مؤكدةً أن حالة طفلها تزداد سوءاً يوماً بعد آخر بسبب الارتفاع والهبوط المفاجئ لكرات الدم البيضاء، الذي يرافقه ارتفاع في درجة حرارة جسده".
ولم تُخفِ الوالدة أن "عبدالله" يعاني كما أطفال شمال القطاع من المجاعة وسوء التغذية، إذ أنه يحتاج إلى أطعمة خاصة كونه يعاني من "ارتخاء في الحنجرة" ويجب عليه الابتعاد عن المأكولات الصلبة مثل الخبز، مستدركةً "لكننا مضطرين اطعامه الخبز والقليل المتوفر في شمال غزة لعدم توفر البدائل".
وتؤكد أن "عبدالله" يحتاج لتناول الفواكه والخضروات التي تحتوي على الفيتامينات والبروتينات خاصة أنه يعاني من ضعف حاد في المناعة.
وتوضح أنه جرى عرض حالة "عبدالله" على إحدى الوفود الطبية التي حضرت إلى مستشفى كمال عدوان، من أجل اجراء علية جراحية له لمشكلة الارتجاع في المريء، فكان رد الطبيب أنه من الصعب إجراء العملية في غزة كون حالته تحتاج إلى عناية خاصة ومركز طبي متخصص بعد العملية.
وبحسب قول الوالدة، فإن الأطباء قرروا إجراء العملية الجراحية خارج قطاع غزة، وهو ما جعلها ترفع صوتها عالياً لكل الجهات الطبية المعنية بضرورة المساهمة في سفر "عبدالله" لتلقي العلاج في إحدى المستشفيات خارج القطاع.