فلسطين أون لاين

سلاح المقاومة خط أحمر

ربما نجد أن الكثير من الناس لهم بعض التحفظات على سلوكيات حركة حماس في الحكم، وهذا أمرٌ طبيعي، ‍كون "أنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ ولـيَ الأحكامَ، هذا إن عَدَلْ"، كما قال الشاعر عمر بن المظفر بن الوردي، ولأن قادة حماس وأعضاءها بشر، فالخطأ واردٌ جدًّا من البشر، لأن العصمة للأنبياء فقط، لكن مع ما للناس من تحفظات على حماس إن سألت المتحفظين على أداء حماس الإداري في المؤسسات الحكومية: ما رأيكم بفكرة نزع سلاح المقاومة؟؛ فأنا على يقين بأن "لا" هي الإجابة الأسرع حضورًا، كونها الإجابة الأكثر قربًا إلى النفس البشرية التي تسعى إلى الدفاع عن نفسها ضد الاحتلال بكل وسيلة ممكنة حتى تقرير مصيرها، والأكثر انسجامًا مع المنطق الذي يرى أن الحكم يزول بزوال العلة ويبقى ببقائها، إذن وجود المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال، فإن بقي بقيت، وإن زال الاحتلال زالت.


الإجابة "لا" ليست نابعة من أننا نهوى سفك الدماء؛ فنحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلًا، بل لأننا تأكد لنا أن السلاح هو وسيلة ندافع بها عن أنفسنا بعدما رأينا "أن الدمع لا يشفي لنا صدرًا ... ولا يبري لنا جرحًا"، كما قال الشاعر عبد الله التميمي، ثم إن التجارب الثورية النضالية عبر التاريخ قد علمتنا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد ولن يسترد إلا بالقوة، وأن الاتكاء على صدر المنظمات الدولية والبكاء في حضنها، لعلها تعيد حقك، هو وهمٌ كبير جدًّا، يسلي الضعفاء أنفسهم به، لأن هذه المؤسسات هي شريكة في استمرار نكبتنا، لأنها تستمد هواءها من رئة طغاة العالم.


إن مجرد التفكير بنزع سلاح المقاومة هو ضرب من الجنون، لأن السلاح هو الوسيلة الوحيدة التي تزلزل أمن الكيان العبري، بعدما جربنا المفاوضات منذ ما يزيد على 25 عامًا، فالإسرائيليون يحرصون كثيرًا على الحياة، ولا يهتمون بمن يتكلم بل من يفعل، وهذا جاء على لسان شمعون بيرس أحد مؤسسي الكيان الصهيوني حين قال في كتابه "الشرق الأوسط الجديد": "نحن نحكم على الناس بعد كل قول وصنع كل شيء، لا بما يهرفون، بل بما يفعلون".


التاريخ العربي يؤكد لنا أن سلاح العربي هو شرفه يصد به كل صائل، ولنا في المتنبي مرشد ودليل حين قال: "السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ"، ولما كنا ما زلنا نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي الذي يملك أسلحة تفوق كمًّا وكيفًا كل ما تملكه الدول العربية، ويمارس ضدنا أبشع أنواع الجرائم في التاريخ؛ فإنه من حقنا امتلاك السلاح استنادًا إلى ما أقرته كل الشرائع السماوية والأرضية، التي كفلت لنا حق مقاومة الاحتلال.


قد يبرر الداعون لهذه الفكرة بأن المقاومة لم تجلب لنا إلا الدمار وقد أظهرتنا بصورة الإرهابيين المتوحشين، وأنها لم تؤلم العدو، وعلينا إظهار صورتنا للعالم أننا أصحاب حق ومظلومين، أقول هذه نظرية غير صحيحة وأصحابها ضعفاء، لأنه لو لم يكن سلاح المقاومة مؤلمًا للعدو الإسرائيلي؛ لما خرج من غزة تحت ضربات المجاهدين، وما حشد ويحشد المزيد من الدعم المالي والسياسي والعسكري لمواجهة المقاومة في غزة، وهنا أستذكر قول الزعيم الهندي (مهاتما غاندي): "حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه هو، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت"، وتصوروا لو أن نموذج المقاومة المسلحة يتقدم ويعم كل فلسطين، فهل سنرى المستوطنين يعربدون في الضفة الفلسطينية ويقتحمون القدس والمسجد الأقصى؟