تلوم الناس في قطاع غزة منظمة الصليب الأحمر الدولي على عجزها عن القيام بواجبها الإنساني لحظة اقتحام الدبابات الإسرائيلية لتجمعاتهم السكنية، ولحظة القصف الإسرائيلي على بيوت المدنيين، فالناس في غزة لا تعرف مؤسسة دولية تتدخل وقت الحروب إلا منظمة الصليب الأحمر الدولي، لذلك يشكو الناس وجعهم وأحوالهم المعيشية ومصائبهم إلى منظمة الصليب الأحمر الدولي، ويتصل الناس في غزة بالصليب الأحمر الدولي، كلما عبرت عليهم المصائب، وحيثما انصبت فوق رؤوسهم صواريخ إسرائيل.
ويشكو الناس في قطاع غزة من بطء استجابة منظمة الصليب الأحمر الدولي لاتصالاتهم، ومن عدم السرعة في تلبية احتياجاتهم الأمنية، ويعتب الناس على منظمة الصليب الأحمر الدولي لأنها لم تهب لنجدتهم بالسرعة القصوى، ولم تصل إلى مكان القصف الإسرائيلي للبيوت على رؤوس ساكنيها، ويضرب الناس مثلاً بعائلة أبو هدروس، في مدينة حمد، شمال خان يونس، حيث ظل أفراد العائلة أحياءً تحت انقاض البيت ليوم كامل، وهم يصرخون، وهم يتصلون بالجوال بكل من يعرفون من البشر، وظلوا هم وغيرهم يناشدون العالم، ويتوسلون إلى المنظمات الدولية مد يد العون، دون جدوى، حتى فارقوا الحياة جميعهم، عائلة بكاملها تفارق الحياة بعد عدة ساعات طويلة من القصف الإسرائيل؛ الذي دمر البيت على رؤوسهم، والعالم الغربي المتحضر، والعالم العربي والإسلامي المتخدر، ومنظمات حقوق الإنسان، ومنظمات الرفق بالحيوان، ومنظمات الخضر والصفر، جميعهم يغط في سبات عميق، بما في ذلك منظمة الصليب الأحمر الدولي، التي لم يسمح لها العدو الإسرائيلي بالقيام بواجبها الإنساني، ولم يسمح لها بالاقتراب من المكان.
الناس في غزة لا تعرف أن قدرات الصليب الأحمر الدولي أمام إرهاب الجيش الإسرائيلي لا تزيد عن قدرات رجال الدفاع المدني الفلسطيني، وعن قدرات رجال الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يقف الجمع عاجزاً عن الحركة والفعل، إلا إذا سمح لهم العدو الإسرائيلي بالتحرك، فالصليب الأحمر الدولي لا سلطان له على الجيش الإسرائيلي، ولكن للصليب الأحمر الدولي السلطة والقدرة على فضح ممارسات الجيش الإسرائيلي، وللصليب الأحمر الدولي في غزة القدرة على توثيق الإرهاب الإسرائيلي، ومن ثم النشر، مع أهمية مواصلة رفع الشكوى والتذمر أمام رؤسائهم في الخارج، وواجب الصليب الأحمر الدولي أن يوثق أسماء العائلات التي ظلت على قيد الحياة لفترة من الزمن، وحال الجيش الإسرائيلي بين منظمة الصليب الأحمر الدولي وبين التدخل لإسعافهم وإنقاذهم، حتى فارقتهم الحياة، وبإمكان منظمة الصليب الأحمر الدولي أن تتخذ خطوة، وتعلن عبر وسائل الإعلام عن تعليق العمل في غزة لمدة 24 ساعة، احتجاجاً على ممارسات الجيش الإسرائيلي الذي يحول دون منظمة الصليب الأحمر والقيام بمهماتها الإنسانية
في قطاع غزة لا يعرف الكثير من الناس حجم الصعوبات التي تواجه عمل منظمة الصليب الأحمر الدولي، وقد لا يعرف الكثير حجم المساعدات الإنسانية التي تقدمها منظمة الصليب الأحمر الدولي، للهلال الأحمر الفلسطيني، ولغيرها من المنظمات الإنسانية، سواء على صعيد جودة المياه وكميتها، وعلى صعيد المواد الغذائية، والحاجات الإنسانية، ومع ذلك؛ فالناس في غزة تنتظر المزيد من منظمة الصليب الأحمر، وتنتظر دوراً أبرز لمنظمة الصليب الأحمر الدولي في تلك اللحظات الرهيبة، عندما تتساقط الصواريخ الإسرائيلية على بيوت المدنيين كالصواعق.