تبني المجلس التنفيذي لليونسكو في دورته رقم 202 وبالإجماع 2017 , مشروع قرار لأول مرة منذ عدة سنوات, مقدم من رئيس المجلس التنفيذي, يُبقي بند القدس على جدول أعمال المجلس ,هذا القرار, يعتبر انتصارا للفلسطينيين والعرب, وقوى العدالة على صعيد العالم. كما يمثل إجماعاً دولياً على تثبيت كافة مشاريع القرارات السابقة الوارد ذكرها في الملحق بنص القرار, والتي تتضمن عدداً من العناصر, أبرزها: المحافظة على اعتماد تسمية المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف, كمترادفتين وذلك في جميع الفقرات ذات العلاقة في القرارات المشار إليها, وعدم استخدام أية تسمية خاطئة, كما اعتبار تلة وباب المغاربة جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك, وتثبيت أن الحائط الغربي للأقصى جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك، وأنه مكان عبادة خاص بالمسلمين , وأي تغيير على هذه الصفة ,يعتبر انتهاكاً للوضع التاريخي القائم قبل عام1967. كما أن جميع التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من الإجراءات التي تتخذها إسرائيل القوة المحتلة, والتي تغير أو ترمي إلى تغيير طابع مدينة القدس ووضعها القانوني, ولا سيما “قانون الأساس”, الذي سنته إسرائيل بشأن القدس, إنما هي تدابير وإجراءات باطلة ويجب إلغاؤها. نعم, من شأن القرارات المتخذة المحافظة على الإرث والتراث التاريخي والمقدسات في فلسطين.
بالطبع, هذه ليست المرة الأولى التي تنتصر فيها اليونسكو للفلسطينيين, إنها تقف مع شعبنا ليس حبا في عيونه, بل لأنه يمتلك قضية عادلة, ولأن اليونسكو تعتمد في قراراتها على حقائق التاريخ , وليست مرهونة بإرادة دولة الكيان الصهيوني ولا حليفتها الاستراتيجية الأولى الولايات المتحدة الأميركية, اللتان تحاولان شيطنة هذه المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة, طالما هي ملتزمة بقضايا العدالة, وطالما أنها لا تجامل الدولتين.لذلك, قد يطلقون عليها بعد قراراتها الأخيرة,” المنظمة المعادية للسامية واليهود”!. بالطبع, هذه القرارات ملزمة أخلاقيا لجميع الدول الأعضاء, لكنها ليست ملزمة لدولة الاحتلال الصهيوني, فهي بفضل راعيها الأميركي , دولة فوق القانون! القرارات هي دلائل ومرجعيات قانونية في محفل دولي مهم يلتقي ويتقاطع مع قرارات لمحافل دولية أخرى, حاولت إنصاف القضية الفلسطينية والفلسطينيين.
جرى انتخاب مدير عام جديد لمجلس منظمة “اليونسكو”, ولربما تتم إعادة النظر في جميع هذه القرارات المتخذة, والتركيز على تنفيذ المطالب المدرجة فيها, كطلب إرسال بعثة مراقبة إلى مدينة القدس المحتلة, الذي تم قبل ثماني سنوات ورفضت دولة الاحتلال السماح لخبراء المنظمة الدولية حينها القيام بذلك. محاولات كثيرة بذلتها كل من واشنطن وتل أبيب لثني المنظمة الدولية عن اتخاذ مثل هذه القرارات, لكن ضغوطاتهما على دول العالم في اليونسكو فشلت تماما, وهو ما يعني أن العديد من دول العالم يجمع على إبقاء فلسطين أولوية على أجندته. المطلوب أن تصر المنظمة على تنفيذ قراراتها, التي تؤكد على أهمية مدينة القدس والحفاظ عليها من التدمير والتهويد, كمهد للديانات وعاصمة للتراث والثقافة.أيضا, فإن قرار اليونسكو الاعلان عن الحرم الابراهيمي كموقع ميراث عالمي فلسطيني, هو استمرار مباشر لموقف هذه المنظمة التي تنكر صلة اليهودية بمدينتي القدس والخليل.
إن إعلان الولايات المتحدة الأميركية و(إسرائيل) انسحابهما, من منظمة اليونسكو, احتجاجا على سياسة المنظمة الدولية, هو إفلاس سياسي للدولتين. لقد اتهمتاها بالانحياز ضد (إسرائيل), وأنها تستجيب للمطالب العربية, واعتبار مدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك (الحرم القدسي الشريف) أماكن خاصة بالمسلمين. من جهة ثانية, كان رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة السفير مايكل وربس, قد قدم للمجلس التنفيذي قراراً ينص على إبقاء قرار “فلسطين المحتلة” والمتضمن بند “القدس” على جدول أعمال المجلس وإعادة النقاش حول هذا البند خلال دورته رقم 204 والتي ستعقد أواخر ربيع 2018. من ناحية أخرى , تطلب مسودة قرار الرئيس, من المديرة العامة للمنظمة, تقديم تقرير متابعة حول تنفيذ القرار الحالي واثني عشر قراراً للمجلس التنفيذي وثمانية قرارات للجنة التراث امتنعت إسرائيل عن تنفيذها جميعاً. وسيوفر القرار بصيغته الحالية فرصة لتمكين بعثة اليونسكو للرصد التفاعلي من زيارة مدينة القدس المحتلة.
كما تعرب القرارات عن أسف المنظمة الدولية لامتناع سلطات الاحتلال الإسرائيلية, عن وقف الانتهاكات المتواصلة المتمثلة في عمليات التنقيب وحفر الأنفاق والأشغال والمشاريع وسائر الممارسات غير المشروعة في القدس الشرقية, ولا سيّما في المدينة القديمة, مؤكدة أنها انتهاكات غير قانونية بموجب القانون الدولي, ويعيد مجلس “اليونسكو” الطلب من إسرائيل, القوة القائمة بالاحتلال, منع هذه الانتهاكات المخالفة لأحكام اتفاقيات وقرارات اليونسكو. قرارات اليونسكو عادلة, لكن العدالة وحدها لا تكفي, إلا إذا ارتبطت بالقوة القادرة على تنفيذها.