فلسطين أون لاين

تقرير آلة الحرب "الإسرائيلية" تتعمد محو تاريخ غزة العريق

...
صورة للدمار التي تسببت به آلة الحرب الإسرائيلية بالمسجد العمري الكبير بمدينة غزة
غزة/ عبد الله يونس

ضرب خميس قويدر (٤٧ عاما)، كف بكف وردد مرارا "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وهو يقف على جزء من اطلال المأذنة التاريخية للمسجد العمري الكبير شرق مدينة غزة.

وتعرض المسجد العمري للقصف الإسرائيلي المدمر في ٩ ديسمبر الماضي خلال الحرب الدموية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وتبلغ مساحة المسجد العمري 1190 مترا مربعا، ويعتبر أحد أهم المواقع الأثرية والدينية في القطاع، إذ بني في القرن الخامس الميلادي على شكل دير بيزنطي، ثم تحول إلى مسجد منذ نحو ١٤٠٠ عام مضت.

وتسبب القصف الإسرائيلي بحدوث أضرار كبيرة بالمسجد من بينها سقوط أجزاء من جدرانه وأسقفه، وحدوث صدع كبير في مأذنته الحجرية الرئيسية.

ويقول قويدر لموقع "فلسطين أون لاين": "لم يتبق لنا ماض أو حاضر أو حتى مستقبل.. لقد تعمد جيش الاحتلال تدمير كل شيء يرتبط بوجودنا كشعب فلسطيني على هذه الأرض".

جاب قويدر بعينيه اللتين كانتا تذرفا الدموع في أرجاء المكان واستذكر زوايا المسجد التي كان يتعبد فيها إلى الله بالصلاة وقراءة القرآن كل يوم في هذا المسجد.

وأضاف: "لقد كان المسجد العمري قبلة لكافة سكان الحي والأحياء المجاورة، ليس ذلك فحسب بل كان يزوره الناس من كل مكان في قطاع غزة".

وأوضح قويدر أن هذا الجيش استهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية على حد سواء، مستهدفا المسلمين والمسيحيين الذين ضربوا خلال تاريخ الصراع معه أروع نماذج الصمود والبقاء.

فعلى بعد عشرات الأمتار من المسجد العمري، لا تزال أثار القصف الإسرائيلي الذي استهدف إحدى أقدم الكنائس في العالم، كنيسة القديس بروفيروس أو ما تعرف محليا باسم كنيسة الروم الأرثوذكسية، التي بنيت عام ٤٠٦ ميلاديا.

وكانت هذه الكنيسة تأوى نحو ٥٠٠ مواطنا من المسيحيين والمسلمين وقت حدوث القصف في ١٩ أكتوبر الماضي، الذي تسبب بدمار كبير في أقسام الكنيسة، وأدى إلى مقتل ١٧ مسيحيا بينهم أطفالا ورضعا- وفقاً لهيئة Caritas Internationalis الأرثوذكسية.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان صدر في ٢٢ أكتوبر الماضي، بأن القصف الإسرائيلي ألحق أضرار بالغة في ٣ كنائس في قطاع غزة.

كما طال القصف الإسرائيلي مبنى "قصر الباشا" الأثري، في حي الدرج شرق مدينة غزة، الذي كان يستقبل آلاف الزوار سنويا.

ويعود تاريخ القصر إلى القرن الثالث عشر، وكان بمثابة مقر السلطة لمعظم الحكومات التي حكمت غزة منذ الحكم الإسلامي المملوكي.

ويضم القصر، الذي يمزج بين عمارتين تعودان للعهدين المملوكي (1260- 1516) والعثماني (1516- 1917)، متحفا عرضت فيه وزارة السياحة والآثار بغزة قطعا أثرية فريدة، من فخّار، زجاج، أعمدة كورالثية، زينة نساء، وغيرها.

وأفاد شهود عيان بأن القصف الإسرائيلي طال أجزاء واسعة من القصر، وأحدث أضرار كبيرة في تحف وقطع أثرية داخله، تعود للعصور اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

ودمرت دولة الاحتلال العديد من المباني الأثرية والتاريخية وأهمها مركز رشاد الشوا الثقافي الذي يعتبر أول مركز ثقافي في فلسطين، وأرشيف بلدية غزة.

كما دمرت الغارات الإسرائيلية في ١٥ ديسمبر الماضي حمام السمرة أحد أهم المواقع الأثرية بغزة والذي يعود بناءه إلى نحو ألف عام ويعتبر مزارا سياحيا وعلاجيا في الوقت ذاته.

وتبلغ مساحة الحمام نحو 500 متر، وأول من قام بالعمل به هم الفلسطينيون السامريون ومن هنا بدأ يطلق عليه اسم حمام السُمرة.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان، أن دولة الاحتلال استهدفت منذ ٧ أكتوبر ودمّرت أكثر من 200 موقع أثري وتراثي، من أصل 325 موقعا في القطاع، ما بين مساجد أثرية وكنائس ومدارس ومتاحف ومنازل أثرية قديمة ومواقع تراثية مختلفة.

وأشار إلى أن من بين المواقع الأثرية المدمرة، مسجد السيد هاشم وفيه قبر جد الرسول محمد، وسوق الزاوية الأقدم في غزة منذ العهد الإسلامي الأول، ومواقع الاستكشافات الأثرية مثل المقابر البيزنطية  شرق جباليا، وموقع البلاخية "ميناء الأنثيدون" شمال غرب مدينة غزة القديمة.

المصدر / فلسطين أون لاين