حذر مراقبون اقتصاديون من محاولات حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تشديد الخناق الاقتصادي على محافظات الضفة الغربية، وانعكاسات ذلك على الحياة المعيشية للسكان مما يرفع من معدلات الفقر والبطالة وانتشار الجريمة المنظمة.
ويرى المراقبون في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين أون لاين" أن حكومة الاحتلال تعيش في تخبط كبير عقب فشل تحقيق أهدافها في الحرب على قطاع غزة التي تقترب من الشهر التاسع، فتحاول الثأر من الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية ، كما أن تخطبها زاد عقب اعتراف دول أوروبية بالدولة الفلسطينية حيث شعرت" وكأن البساط يُسحب من تحت قدميها".
يؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب على أن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية آخذة في السوء في ظل مواصلة الاحتلال الهيمنة على أموال المقاصة حيث لم يتلقى موظفوا السلطة للعام الثالث على التوالي راتباً كاملاً يواجه ذلك غلاء فاحش.
وأضاف أبو الرب أن الدولة العبرية عادة ما تلجأ إلى فرض ضغوط اقتصادية على السلطة الفلسطينية، لمحاولة ثنيها عن أي قرارات لا تسير وفق أهواءها.
السيناريوهين" الأساس" و"السلبي"
لكن أبو الرب أشار إلى أنه على الرغم من حالة الضعف الشديد الذي تعيشه السلطة الفلسطينية إلا أنها يمكن الاستفادة من العزلة الدولية على دولة الاحتلال التي بدأت تتسع دائرتها لاسيما في أعقاب اعتراف ثلاث دول أوروبية بالدولة الفلسطينية ورغبة دول أخرى السير على ذات الطريق.
وشدد أبو الرب على ضرورة أن تعيد السلطة الفلسطينية حساباتها المالية بحيث ترشد نفقاتها وتضبط عمليات الاسراف الغير مبررة، وأن تعالج الفساد المالي والإداري من أجل خلق بيئة جديدة قادرة على استيعاب المستجدات التي قد تطرأ على الساحة الفلسطينية في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
وفي السياق نوه الدكتور ثابت أبو الروس المختص في العلوم الاقتصادية إلى أن استمرار سلطات الاحتلال منع عمال الضفة الغربية من الوصول إلى أماكن أعمالهم في شركات وقطاعات إنتاجية في الداخل الفلسطيني المحتل منذ السابع من أكتوبر، زاد من حدة تردي الوضع الاقتصادي لدى هؤلاء العمال.
وأشار في السياق ذاته إلى أن رفض الاحتلال استقبال عمال الضفة تسبب في تراجع القوة الشرائية داخل الأسواق بنسبة 40%.
تضاعف العجز في موازنة السلطة خلال الأشهر المقبلة
وبين الاقتصادي أن السيناريوهين" الأساس" و"السلبي" الأكثر ملائمة للوضع الاقتصادي في الضفة الغربية من السيناريو "الإيجابي" لأن الأخير مرتبط بإنهاء الاحتلال حربه على قطاع غزة وهو أمر يشوبه الغموض.
وبالتالي المواطن في الضفة الغربية أمامه "السيناريو الأساس" والذي يتحدث عن إمكانية تأقلم المواطن مع الوضع الاقتصادي الراهن والعيش بطريقة الكفاف.
أما السيناريو الثالث والذي يحذر الاقتصادي من الوصول إليه "فرض حكومة الاحتلال عقوبات اقتصادية أكثر صرامة" مثل قطع التواصل بين البنوك الفلسطينية والاسرائيلية إذ أن 57% من التبادل التجاري بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ودعا أبو الروس السلطة الفلسطينية إلى الاستفادة من تقارير صادرة عن البنك الدولي ومخاطبة المجتمع الخارجي حيث تحدث البنك عن أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية تدهور في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وأن الفجوة آخذة في الاتساع بسرعة بين حجم الايراد والمبالغ اللازمة لتمويل النفقات العامة.
وكان توقع البنك الدولي تضاعف العجز في موازنة السلطة خلال الأشهر المقبلة ليصل إلى( 1.2 ) مليار دولار محذراً من ازدياد خطر الانهيار المالي في فلسطين.
وحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية في رام الله حتى نهاية 2023 وصلت الفجوة المالية بين حجم الإيرادات والمبالغ اللازمة لتمويل الانفاق الحكومي إلى 682 مليون دولار.
البنك الدولي أشار إلى فقدان نحو نصف مليون وظيفة في الاقتصاد الفلسطيني منذ أكتوبر، موزعة 200 ألف وظيفة بغزة و144 ألف وظيفة في الضفة الغربية، 148 ألف وظيفة في سوق العمل الإسرائيلي