فلسطين أون لاين

تقرير وجه "رمضان" الحزين يطل على مخيمات النازحين

...
وجه "رمضان" الحزين يطل على مخيمات النازحين
رفح/ عبد الله التركماني:

طلبت منيرة أبو العدس (٣١ عاما) من أطفالها إغماض عينيهم بأيديهم وعدم فتحها حتى تطلب منهم ذلك، ثم أخرجت فانوس رمضان من غلافه الورقي، ووضعت بداخله بطاريات صغيرة ثم أضاءته وتسلقت طاولة صغيرة لتعلقه في منتصف خيمتها.

قالت أبو العدس بصوت مرتفع وابتسامة عريضة مرسومة على وجنتيها: "واحد، اثنين، ثلاثة، افتحوا عيونكم"، وما أن رأى أطفالها الفانوس مضيئا حتى بدئوا بالتصفيق والتهليل، فرحين برؤية خيمتهم مضيئة بعد أشهر طويلة من العيش في ظلام دامس.

وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي قررت قطع الكهرباء عن قطاع غزة بشكل كامل منذ بدء الحرب في ٧ أكتوبر الماضي.

وبسبب هذه الحرب، نزحت أبو العدس وعائلتها من منزلها في مدينة غزة، إلى خيمة في حي السلطان غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة، هربا من اشتداد القصف الإسرائيلي على القطاع.

نظرت أبو العدس إلى الفانوس المضيء ورفعت يديها إلى السماء، وقالت: "يا رب إنهِ هذه الحرب قريبا، وأعدني إلى منزلي دون أن أفقد زوجي أو أحد صغاري".

وقالت أبو العدس لموقع "فلسطين أون لاين": "رغم الحرب، إلا أن طقوس رمضان تمنحنا أملا كبيرا بأن تنتهي هذه الإبادة قريبا".

وأوضحت أنها فقدت اثنين من أشقائها وشقيقتها وزوجها وجميع أبنائهم، في الغارات الإسرائيلية التي أدت لمسح آلاف العائلات من السجل المدني بالكامل.

وتنتشر عشرات الآلاف من الخيام في مدينة رفح التي بات يعيش فيها اليوم نحو ١.٣ مليون فلسطيني، بعد إجبار جيش الاحتلال الفلسطينيين من سكان محافظات خانيونس وغزة وشمالها، على النزوح إليها بذريعة أنها منطقة آمنة.

في مجمع خيم السلام شرق مدينة رفح، انشغل محمد مرتجى بتعليق زينة رمضان بين أعمدة الخيام، معتمدا على مولد كهرباء خارجي لإنارتها.

قال مرتجى لموقع "فلسطين أون لاين": "إن صيام رمضان هذا العام سيكون شاق جدا، لأن معظم الناس يسكنون الخيام، ولا يتوفر لديهم احتياجاتهم من الغذاء".

واستذكر مرتجى موائد الإفطار خلال شهر رمضان، وقال: "كانت الموائد تزدحم باللحوم والدواجن والأسماك، أما اليوم فلا نملك سوى معلبات الحبوب مثل البازيلاء والفاصوليا والفول".

وأشار إلى أن اللحوم تكاد تكون معدومة في الأسواق، وإن وجدت تباع بأسعار باهظة للغاية فلا يستطيع الناس شرائها".

وسط تجمعات الخيم في منطقة مواصي خان يونس غرب المدينة، كان بعض الفتية يقدمون عروضا بهلوانية بين النازحين، تعتمد على حركة الجسد بالإضافة إلى فقرة نفخ النار، احتفالا بقدوم شهر رمضان، على الرغم من صوت الطائرات الإسرائيلية المزعج الذي لا يتوقف.

ويقول الشاب كريم أبو دقة (٢٩ عاما) وهو من سكان المدينة لموقع "فلسطين أون لاين": "اعتدنا عند قدوم شهر رمضان تقديم هذه العروض في الأحياء السكنية لرسم الفرحة على وجوه الأطفال، ولكننا اليوم نقدمها بين خيم النازحين المنتشرة على امتداد البصر في المواصي".

وأوضح أن ما يقوم به هو عمل تطوعي بحت، مضيفا: "رسم البسمة على وجوه أطفالنا هو عمل صعب في هذه الأوقات، بينما يعيشون مأساة ومعاناة لم يحدث مثلها من قبل بحق شعبنا الفلسطيني".

في سوق رفح الشعبي وسط المدينة، بدأ بعض الباعة بعرض ما لديهم من فوانيس وزينة رمضان، مع إقبال خجول من النازحين على شرائها بسبب ارتفاع أسعارها.

يقول البائع أحمد أسعد وهو نازح من مخيم المغازي شرق قطاع غزة لموقع "فلسطين أون لاين": "هذه الفوانيس المعروضة هي موديلات قديمة مخزنة لدينا من العام الماضي، إذ تمنع دولة الاحتلال التجار من استيراد أي شيء من الخارج".

عند سؤاله عن سبب تضاعف أسعارها رغم أنها بضائع قديمة، برر ذلك بالقول: "كل شيء هنا يخضع للعرض والطلب وليس لنسبة الربح.. هذا ما يحدث في أوقات الحروب".

وأشار أسعد إلى أن شهر رمضان يأتي هذا العام حاملا معه رسالة إلى العالم أجمع بحق الفلسطينيين في العيش بكرامة والعودة إلى بيوتهم وإنهاء الحرب.

وقتلت دولة الاحتلال في هذه الحرب أكثر من ٣٠ ألف فلسطيني أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، ودمرت مساحات واسعة من البنى التحتية والمنازل وتسببت بإبادة آلاف العائلات بأكملها.

 

المصدر / فلسطين أون لاين