يدرك المتحاورون في القاهرة أن لا خيار أمامهم هذه المرة إلا النجاح ، فالشعب الفلسطيني لن يحتمل أي إخفاق أو فشل من أي طرف ، والراعي المصري –المشارك بقوة- لن يقبل العودة إلى مربع الانقسام ، وقد أظهر الجانبان تصريحات إيجابية وحرصا شديدا على النجاح ، وإن حاولت جهات تعكير صفو الأمل بطرح قضايا وعناوين تفجر الحوار !! .
وحتى يصل الإخوة الكبار (فتح وحماس) إلى مصالحة حقيقية لا بد أن يدركوا أن الشعب منهك من جرائم المحتل وتداعيات الانقسام ، لكنه مستعد للبذل والتضحية والمقاومة مهما كلفه من ثمن في ظل توفر رؤية وطنية جامعة تنهض بالمشروع الوطني ، فنحن ورغم دهاليز أوسلو لكننا شعب تحت الاحتلال يحتاج بندقيته كما دبلوماسيته ، ولسنا دولة حرة ذات سيادة بعد ، ولذلك لا بد من توفير عوامل الصمود لشعبنا تبدأ بتوفير الحياة الكريمة لكل مواطن ، وحينها ستجدون من أبناء فلسطين عطاء بلا حدود .
وأكرر لفتح وحماس، لن يستطيع أحد منكم أن يشطب الآخر ، وقد خضتم تجربة مؤلمة دفع كلاكما فيها أثمانا باهظة ، فالاقتتال والإقصاء والتفرد لم ولن يجدي ، والمصالحة يجب أن يبنى أساسها على قاعدة الشراكة الوطنية والتعاون بين الإخوة ، فالعدو يتربص بالجميع، والقدس تنتظر المخلصين ، وقضيتنا يراد لها التصفية .
نريد منكم أن تعملوا بكل إخلاص على إنهاء معاناة غزة وإلغاء كل القرارات العقابية التي فاقمت من أزماتها ، غزة التي حملت ولا زالت المشروع الوطني الفلسطيني ، نريد أن توفروا الكهرباء والماء والعلاج وجوازات السفر وفتح المعابر ، وإتمام المصالحة المجتمعية، وفتح المعابر، وغيرها الكثير الكثير، وتقوم الحكومة بدورها ومسؤولياتها فورا ، نريد أن تعززوا من الحريات العامة والصحفية في الضفة، ووقف الاعتقالات والملاحقات ، وتدعموا عمل المؤسسات الخيرية، وترسوا معالم السلم الأهلي، وتعززوا من صمود المواطن أمام غول الاستيطان والتهويد، ونريد منكم أن تعملوا وفق منظومة فلسطينية واحدة تقاوم وتفاوض برؤية واحدة بوصلتها خدمة المشروع الوطني .
شعبنا ينتظر منكم إجابات شافية وعلاجا إبداعيا عادلا لقضايا الموظفين والمفصولين والمقطوعة رواتبهم، وكذلك الأسرى المقطوعة رواتبهم ، وحلولا عادلة لمن أجبر على التقاعد المبكر ، شعبنا الذي ضحى بكل ما يملك ينتظر منكم الأمل لأنه يستحق الحياة والسيادة .
اعملوا بكل جهد للتوافق حول منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها لتمثل وتعبر عن الكل الفلسطيني، ولكم في تفاهمات بيروت الأخيرة قاعدة محترمة يمكن البناء عليها ، وأسرعوا في تشكيل حكومة وحدة وطنية ربما تكون أقدر على وضع الحلول والعلاج ، وتعد لإجراء انتخابات للرئاسة والمجلسين الوطني والتشريعي ، عليكم أن تبدعوا في خلق بيئة مواتية لإنجاح حوارات القاهرة وتعزيز المصالحة ، والتمهيد لاجتماع موسع لكل الفصائل ويا ليته يتمم بمشاركة من فلسطينيي الشتات .
في التفاوض والحوار لن يأخذ أحد كل ما يريد ، ولكل طرف نقول: كن مستعدا للتنازل من أجل شعبك وهو لن ينساك ، ولا يهمنا إذا ما خسر أحدكم، لكن ما يهمنا أن يكسب الوطن ، واعلموا أن الاحتلال والإدارة الأمريكية وإن أظهرا الصمت على حواركم لكنهما بالتأكيد لن يكونا مسرورين بوحدتكم وتنظيم صفوفكم .
أيها القادة.. العالم يموج ويعمه الاضطراب وتستعر فيه الفوضى ، فارجعوا إلينا بمصالحة حقيقية، واستعيدوا الوحدة من أجل الوطن والإنسان ، فالوقت من دم وأرض ومقدسات.