تتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال معركة "طوفان الأقصى" التي انطلقت في قطاع غزة منذ يوم السبت الماضي، في ظل حالة الإفلاس والفشل التي يعاني منها بفعل ضربات المقاومة المتواصلة.
وعلى مدار الأيام الماضية لم تتوقف قوات الاحتلال عن ارتكاب المجازر بحق العائلات الفلسطينية لا سيّما الأطفال منهم، وغالبيتهم لا يتجاوزون السادسة من أعمارهم، في انتهاك واضح وصريح لكل القيم الإنسانية والحقوقية المنصوص عليها في كل القوانين والدولية.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو وصور لأطفال تعرضوا للقصف تم انتشالهم من تحت ركام منازلهم التي قُصفت على رؤوسهم، وآخرين اختفت ملامح طفولتهم البريئة وهم في ثلاجات الموتى، عدا عن آلاف الأطفال الجرحى.
وأظهرت المقاطع حجم البشاعة والإجرام التي ارتكبها الاحتلال بحق الأطفال الذين تمزقت أجسادهم البريئة نتيجة قصفهم مع عائلاتهم بصواريخ ثقيلة.
ووفق احصائيات وزارة الصحة في غزة، فقد تسبب العدوان الإسرائيلي باستشهاد 880 فلسطينيًّا نحو 59% منهم 520 فردًا من المدنيين، بمن في ذلك 185 طفلًا و120 امرأة، فضلًا عن إصابة نحو 5,000 آخرين في ظل تعذر انتشال المئات من تحت أنقاض الركام وفي الأطراف الحدودية.
ورأى مسؤول مؤسسة الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين عايد أبو قطيش، أن استهداف الأطفال جزء من الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الممنهجة بعد الخسائر التي لحقت بها في الأيام الأولى من العدوان المستمر حتى الآن.
وأوضح أبو قطيش لصحيفة "فلسطين"، أن طريقة تصرف الاحتلال تهدف إلى إيقاع الخسائر بين المدنيين، ومنهم الأطفال، مستدلاً بذلك من قصف البيوت فوق رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار.
وقال: "هناك علم مسبق لدى الاحتلال بأن هذه المنازل مسكونة وفيها أطفال، لكنه لا يولي اهتماماً لحماية المدنيين والأطفال، بل أصبحوا الهدف الرئيسي له خلال العدوان".
وعدّ استهداف الاحتلال للأطفال "جريمة حرب ضد الإنسانية"، مشيراً إلى أن الدعم الأمريكي والدولي غير المسبق لـ (إسرائيل) دفعها لارتكاب المزيد من هذه الجرائم.
وانتقد صمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال ضد المدنيين والأطفال، مشدداً على أنها "توفر للاحتلال غطاءً سياسياً ودولياً ودبلوماسيا".
بدوره، اعتبر الباحث والحقوقي في مركز حماية لحقوق الانسان ياسر الديراوي، استهداف الاحتلال للمدنيين والأطفال تحديداً ضمن عملية ممنهجة يخترق خلالها القوانين الدولية.
وأكد الديراوي لـ "فلسطين"، أن استهداف الاحتلال للأطفال مخالف لما يُسمى "الضرورة الحربية" التي نص عليها قانون روما واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة".
وشدد على أن "المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد الأطفال ترتقي إلى جرائم تستوجب المحاكمة الدولية"، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل لوقف العدوان. ودعا محكمة الجنايات الدولية إلى فتح تحقيق فوري وجدي لمحاسبة قادة الاحتلال.
وبيّن أن استهداف الاحتلال للأطفال يشكل "اختراقاً للإعلان العالمي لحقوق الانسان وحقوق الطفل"، لا سيّما أنهم لا يشكلون عليه أي خطورة.
ولفت إلى أن الضرورة الحربية التي نصت عليها اتفاقية روما، تُوجب على الاحتلال عدم إطلاق أي قذيفة في المكان الذي يوجد فيه أطفال ونساء، مستدركاً "لكن الاحتلال نسف هذه المواثيق وداس عليها".